مقالات

قصة رجل خرطومي حذّر الفلول من إشعال حرب ١٥ أبريل

بقلم: د. جودات الشريف حامد الخبير بالمركز الأفريقي للدراسات الاستراتيجية و الفيدرالية 

قصة رجل خرطومي حذّر الفلول من إشعال حرب ١٥ أبريل

بقلم: د. جودات الشريف حامد

الخبير بالمركز السوداني للدراسات الاستراتيجية و الفيدرالية

يُقال في مجالس و صالونات أهل المشافهة و المثاقفة السياسية في السودان، من المهتمين بسرديات و مرويات مَنْ خطط و أطلق الرصاصة الأولي لحرب ١٥ أبريل ٢٠٢٣م، تتفق و تتسق هذه السرديات المحكية إلى حدٍ كبير قابل للتصديق، أن هنالك اجتماع في غاية السرية قد عُقد قبل الحرب بأيام معدودات في سلاح المدرعات تحديداً حضره كبار قادة الجيش المؤدلجين و المناطقيين و آخرين من قادة الصف الأول المُنتقين اختياراً من الفلول ذوي الحظوة و الخلفيات الأستخباراتية و الأمنية و العسكرية، كان الجَند الوحيد محل النقاش حسب ما رشح و سُرِب من ذلك الإئتمار المتآمر علي الوطن و بعض مكونات مواطنيه هو مناقشة كيفية القضاء علي قوات الدعم السريع و إذلال و إخضاع و إهانة حواضنها الإجتماعية إذعاناً و استسلاماً بعد أن تُنجز مخططات الإبادة المرسومة بدقة متناهية عبر تنفيذ الغارات الجوية العسكرية التي رُتب و خُطط لها بإحترافية و تنظيم عالي المستوى للقيام بها علي مقار و مواقع و معسكرات الدعم السريع و بيوت كبار قادته في الخرطوم حتى يخلوا للفلول وجه السلطة التي كان يمثل وجود قوات الدعم السريع في معادلة المشهد عائقاً و حائلاً دون عودتهم انقلاباً لسدة الحكم، و قد كان من ضمن حضور وضع لمسات الخيانة و سيناريوهات التآمر و الغدر بقوات الدعم السريع، رجلاً خرطومياً عاش و تعايش سنينَ عددا مع غالب المكونات الاجتماعية المتهمة بأن أبناءها يمثلون ثقلاً كبيراً من بين جنود الدعم السريع و نصيراً له في حربه المغدور فيها من قبل الجيش، قال الرجل الخرطومي باذلاً النصح المجاني للحضور من جنرالات و قيادات الفلول الحاضرين في ذاك الاجتماع، نصحهم بما معناه و مفاده أن هؤلاء الناس أي (الدعم السريع و مكوناته المتهمة و المستهدفة) رغم بساطة معظمهم إلا أنهم أهل عهد و ميثاق إذا عاهدوك،*

*يستهينون بالموت و يسترخصون أرواحهم في سبيل الانتصار علي من يتحداهم مهما كانت الكلفة وباهظ التضحيات،أنهم أهل حميّة و فزع و نصرة لأُُولي القُربي و آصرة وشائج الدم و الضعفاء عموماً ، يمتازون بعزة النفس و الثقة بها و لديهم ثقافة مثقلة بموروث الكبرياء و قبول التحدي، لا يرون من هو أفضل منهم مقاماً و رفعة علي الإطلاق، أهل شدة يستبسلون حتى الفناء في قتالك إذا أحسوا بالضيم و الظلم، لديهم يقين مطلق لا يقبل التشكيك بأنهم ينحدرون من أرومة واحدة. خاتماً نصحه و رشده للفلول عسكريين و مدنيين بما مفاده أنكم لن تستطيعوا هزيمتهم إلا إذا استطعتم ألاّ تُبقوا منهم أحداً علي وجه البسيطة قادر علي قتالكم. لكن للأسف لم يَعرْ الفلول في غمرة سكرة حلم العودة إلي السلطان المفقود والصولجان الموؤود بأمر ثورة الشعب أي اعتبار لنصائح و إرشادات الرجل الذي أهداهم مواضع ضعفهم و قدرهم و قدراتهم المتواضعة قياساً على مطلوبات التدافع في تلك الحرب التي كانوا مقبلين عليها بإصرار لئيم و أعطاهم خلاصات معرفته و معايشته لكثير من تلكمُ المكونات التي يمثل أبناؤها غلبة و أكثرية في قوات الدعم السريع، إلا أن الفلول رغم تلك المحاذير الجدية قد اتخذوا قرار حربهم الغادرة ضد منسوبي قوات الدعم السريع فأشعلوا مواقدها بعد أيام قليلة من ذلك الاجتماع التآمري ضاربين عرض الحائط بمبذول الإرشاد و مجزول النصيحة المجانية التي قدمها لهم رجل الخرطوم ذاك لوجه الله و إبراءً لذمته أمام التاريخ، لقد أوقد الفلول نيران الحرب و أدركوا لاحقاً أن الحرب إلا ما رأوا من ثبات و شجاعة و إقدام الأشاوس و ما ذاقوا من جراح و مواجع و هزائم علي الأرض و أنها إلا ما رأوا من تدفق بشري شبابي قادم كالسيل، حميّة و إسناداً و مناصرةً لقضية، فما استطاعت هتافات حلاقيمهم النفّاخة أن تجدي نفعاً أو تحدث فرقاً أو تحقق نصراً في مسارح القتال، و الجميع قد رأي(نمر الورق) أنس عمر كيف كان يزبد و يهدد و يدعي أنهم (الوكيل الحصري للرجالة و البسالة) وكيف صار حملاً وديعاً عندما تم القبض عليه، لقد كشفت هذه الحرب حال الفلول و عوراتهم و فضائح مواقفهم المخجلة فأنطبق عليهم بمقاس القول ما أورده الشاعر ،( إذا الحرب حلّت ساحة القوم أخرجت عيوب رجالٍ يعجبونك في الأمنِ). لقد دارت رحيٰ الحرب و صدقت نصائح و محاذير الرجل الخرطومي للفلول، فعندما اشتعلت الحرب و سمع شباب و أبناء تلكم المكونات في كردفان و دارفور و مناطق أخري كثيرة من السودان أن إخوانهم و أبناء عمومتهم و أصحابهم و معارفهم قد ضُربوا و قُصفوا بالطيران العسكري الفلولي قصداً بهدف إبادتهم مع سبق الإصرار و ثبوت التعمد، هبوا زرافاتٍ و وحدانا و تقاطروا من كل فجٍ عميق زحفاً نحو ساحات القتال و إرتكازات المساندة، حميّةً و نصرةً و مناصرة، حتي ضاقت بهم دارفور و كردفان و الخرطوم و الجزيرة و غيرها من مناطق انتشار قوات الدعم السريع بما رحُبت، فتحولوا من مشروع حميّة و فزع و مناصرة إلي مشروع وطن قوامه أكثر من مليون جندي دعامي يمثلون ميثاق و عهد شراكة لمصير هذه الامة، ينادون ببناء و تأسيس سودان جديد يسع الجميع وعداً مخملياً و عدلاً وارفاً و إنصافاً محمياً بوصايا الشهداء و بقوة و إرادة الأحياء من غدر و خيانة الفلول و البلابسة الذين أثبتت تجارب السياسة و مضابط حركة التاريخ أنهم أعداءً للإنسانية عامة و للشعب السوداني خاصة.*

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى