مقالات

الارتهان لخيار البرهان – أركو مناوي مثالا!

عبدالرازق أنقابو،،،

الإرتهان لخيار البرهان – أركو مناوي مثالا!

🎯 عبدالرازق أنقابو،،،

angabo7@hotmail.com 

. 22 يناير 2024م

ليس من الإهتمامات – عندي، هواية الكتابة عن الرموز العامة بصورة شخصية، بقدر ما يهم في الأمر الكتابة عن تصرفاتهم التي تمثل وتمس الشأن العام! بهذا نخاطبكم السيد أركو مناوي وأنت في موقع مسؤولية، بإقليم لا يختلف السودانيون والمجتمع الدولي الذي شهد بأم أعينه، مدي الظلم والتردي المتراكم فيه، وكذا التآمر الذي جعل منه منطقة مضطربة ومتخلفة، حتي لا ينهض ويعي دوره في بناء الدولة السودانية! وحتي نحدد أولويات هذا الإقليم “السودان الجامع”، فقد فات عليكم طوال فترة توليكم أمره لهذا اليوم، تنظيم ورشة تشخيص تحددوا فيها مكمن الخلل ومصدر الأزمة فيه! وبشكل مبدئي – نشير، أن المسألة الجوهرية للخروج بهذا الإقليم من تلك الوضعية الحالة فيه، هي إنتشاله وفك إرتهانه، للإنتقال به من كونه مجرد جغرافية منتجة للرجال والمواد الخام، إلي مقام الشراكات والمشاركات الحقيقية – المستقلة بإعتدال، دون ادني تبعية فيها ولا إستغلال!

وإقليم بمساحة فرنسا وبما فيه من جيوبولتكس وهو يرزح تحت هذه الوضعية المزمنة، فإن الرؤيا المطلوبة فيه لتأطير أولوياته التي بمجرد العمل بها – تتوقف عندها حالة تجدد الإحتراب وتنتفي معها أسباب الإضطراب، ليعود بدلا عنها ذلك التعايش والإستقرار الذي كان، هي أن يدرك أبناؤه – بداية، مدي قيمة وعظمة إقليمهم؛ من واقع حقيقة حجمه، ومكانته التاريخية والجغرافية والإجتماعية، ومدي أهميته الإستراتيجية عند كافة حكومات البلاد المتعاقبة – وهي لا تبذل جهدا، للإرتقاء به وتطويره بقدر عطائه وإسهاماته! فأنتم حينما تمردتم – ولمجرد التذكير هنا، إنما ضد ذلكم الظلم الممارس بحق هذا الإقليم، حتي قبولكم بإتفاقية أبوجا التي وقعتم – هدنة، في 25 مايو 2006م، وبها إرتضيت “مهمشا”، منصب كبير مساعدي رئيس الجمهورية عمر البشير – المسؤول وقتها، عن إبادة دارفور ومطلوب الجنائية الدولية لهذا اليوم! فمدعاة التذكير – هي؛ ماذا كسبتم وانتم تضعون ايديكم مع من تلطخت يداه بدماء الأبرياء، وتضعونها تارة اخري مع من قال: انا رب الفور؟ أإعتذروا لكم عما اقترفوا من جرم واساءة سافرة حتي لميارم دارفور، أم أن هناك مصالحة وطنية أنجزوها علي غرار ما حدث برواندا .. لأجل بناء سودان جديد! فالنظرة التي كان ينظرها البشير إليكم – بكل دونية واستخفاف، هي ذات النظرة التي ينظرها البرهان لحميدتي هذه الأيام، ولا أنت ولا رفيقك الآن، في “رهان الإنحياز” #جبريل_إبراهيم، بإستثناء عنها معفيان، بأي حال من الأحوال! 

ولمناسبة التذكير أيضا، فإن الجميع يدركون أن نظام الإنقاذ الذي أتي بالبشير، ما هو إلا إمتداد لإولائكم المتعودون نقض العهود، وما البرهان نفسه إلا إمتداد آخر لذلك البشير – سليل نقضة العهود، ممن عاهدوا الله هديرا: “هي لله، هي لله” – وختامها؛ إختلاس أموال وتطاول في البنيان وفصل لجنوب السودان! فكيف لا يكون البرهان من علي شاكلتهم، وهو من تعود وتميز بصفتي المراوغة وعدم الإلتزام – المتجلية واضحة، في كل بياناته وتصريحاته وتعهداته! وهنا فإن الأغرب دهشة في أمركم، هو إرتماؤكم في حضنه، دون ان تدركوا حقيقة إصراره علي الإجتماع بحميدتي منفردا، إنما لممارسة نفس المراوغة وعدم الإلتزام! فكيف انكم تنحازون له وهو المهزوم سياسيا وميدانيا – أم أن لكم مآرب أخري، لتحققوا لأنفسكم فيها فرصا عديدة تتري، في ظل حرب تحولات وموازنات تاريخية كبري، لا يمكن ان تعود البلاد بعدها كما كل “كوز” ومتكوزن يظن ويري! 

فأنتم سعادة الحاكم – لفي أمر مختلف، حتي أن المقارنة بينكم والحركة الشعبية لتنتفي، حينما دخلت هي الغابة في 16 مايو 1983م، إنما بسبب جريمة نقض العهود، التي إستنها نفس تنظيم الإخوان المسلمين، وفصل بها نهاية المطاف الدولة لدولتين، ولا تزال البلاد رهينة بيده، لمزيد من الإنفصال – لثلاث دول أو لأربع! أما أنتم حينما عدتم للغابة في أكتوبر 2010م، لم تكن بيدكم الحجة المقنعة حتي لرعاياكم بالإقليم، بل أدخلتم الإقليم موجة صراع ثانية – أشد عنفا، لم تفلحوا خلالها في تحقيق اي هدف معلوم أو غير معلوم! وكانت الغرابة الأغرب، هي قبولكم لإتفاقية سلام جوبا الحالية، وأنتم تستديرون الظهر عمن رعاها واخرجها بكم، وأنتم في نفس الوقت تتفقون الآن، مع من كان يعرقل وغير راض عنكم ولا عن الإتفاقية – ذاتها، التي اتت بكم حاكما لإقليم دارفور! ألم تعلموا من هذا الذي ظل معرقلا لهذه الإتفاقية ويراهن بكم اليوم للقتال في صفه، إنه ذات من خرجتم مقاتلين ضده، واليوم ترمون بأنفسكم رخصية عنده!

ومرة أخري – تنبيها لكم، فقد فات عليكم أن الذي اتفقتم معه اليوم، هو من نفذ الإبادة الجماعية بدارفور ومطلوبها جنائيا لهذا اليوم، وهو نفسه من تآمر علي وضع الإقليم الذي أنت حاكمه، في حالة إضطراب مستمرة حتي الآن! فأنتم بهذه التصرفات التي تعوزها الحكمة والمسؤولية، إنما تذكرون بالمثل – وأنتم أدري بمعناه: (“الكلب بريد خناقه” – بكل أسف!) مع أن المعني في باطنه، أبعد وأعمق من هذا المثل المستشهد به – مناسبة، لا مساببة!

وعلي قول المثل – أيضا؛ “أعداء الأمس، أصدقاء اليوم”، والعكس صحيح كما هي حال حميدتي- البرهان، فإن الفارق ما بين صحوبتكم المستجدة للبرهان وعداوة حميدتي بينه، هي أن الأخير – حميدتي، ظلت مواقفه تقوم علي طرح إصلاحي شامل لطريقة حكم الدولة وإدارة مواردها ومؤسساتها وكيفية توزيعها وشغلها! هذا الاصلاح المؤسسي هو ما لا يريده البرهان، وأنتم مع مطالب استرضائية ومحاصصات آنية، تظل مسكنا مرحليا (sedative)، لا تعطي علاجا مستداما لأي من أزمات البلاد المتكررة المتجددة! وهنا فقد جرت العادة واكدت الملاحظة، انكم متي ما استنفدتم مهمتكم او إنتفي غرضكم، عدتم مرة أخري للمربع الأول .. خروجا للغابة، ثم عودة بإتفاق منها، ثم إنقلاب عليه، وعودة أخري إليها … وهكذا دواليك! لكن الفارق عادة ما يظل واسعا وبونه شاسعا، بين من يثور لأجل إجتثاث سرطان مشكل السودان من جذوره، وبين من يثور لأجل إرضاء نفسه وبيعها، بمجرد دفعيات أو وظائف عابرات .. وسيطها الآن – المدعو؛ “صلاح كاشات”! 

فالذي نريد أن نلفت الإنتباه إليه بشكل عام، والبلاد تمر بأكبر كارثة وأزمة في تاريخها، ليس المطلوب منكم إتخاذ موقف ذلك المحايد المتفرج، إنما إتخاذ الموقف الحاسم واللا متحيز لأي طرف من طرفي النزاع، بهدف وقف الإقتتال بينهما – بداية! وبما أنكم تورطتم عبر تلك الوساطة برعاية سعادة الفريق امن صلاح قوش من القاهرة، فلا نعتقد أنكم ستكونون جزءا من عملية بناء السلام وانتم تخرقون مبدا الحياد الإيجابى، المتوقع من جميع حركات النضال – علي أقل تقدير، ان تتبناه وتلتزم به! وهنا لا يفوتنا – للمناسبة، ان نثمن موقف حركتي الحلو وعبدالواحد بابتعادهما عن هذه الحرب، ولا نلوم القادة المنشقون (سليمان صندل حقار، الهادي ادريس، الطاهر حجر والوالي نمر عبدالرحمن) في إختيارهم الموقف والموقع الطبيعي المتوقع فيه تكتلهما سياسيا وتموضعهما ميدانيا!

وأخذا بإعتباركم قوة مقاتلة ومجهزة، فإن حيادكم السلبي الذي اتخذتموه – مقصودا في الأشهر الأولي للحرب، وهو أشبه بموقف قادة الجيش المعاشيين ومعهم كبار القادة في الخدمة في صمتهم وهم خبراء يدركون مخاطر وابعاد هكذا حرب لعين! فهذا الموقف السلبي ومعكم فيه قيادات “قحط” التي فرت خارج السودان، ليكفي دليلا علي أنكم – جميعا، تركتم الأطراف – لتتقاتل فيما بينها وبلا هوادة! فذلك الخروج يعد شهادة وفاة لقحط وشهادة عدم مسؤولية لكم! إلا أن ما يقوم به تجمع الهيئة القيادية لتنسيقية القوي الديمقراطية المدنية، برئاسة الدكتور حمدوك، هو تدارك للفراغ الذي احدثه غياب قادة قحط، ويعد جهدا وطنيا موفقا، لمخاطبة جذور الصراع في السودان، وهي المخاطبة التي تتفق والرؤيا الإصلاحية التي طرحها الدعم السريع!

 

فأنتم بحيادكم المعلوم كنتم تقومون في ذات الوقت بالواحب المعلوم، ومعكم أئمة البلاد يناصرون ويدعون بنصر طرف علي طرف، إنما ذلكم يحسب عليكم “تكتيا”، بالتدخل – يوما ما، في التوقيت الذي يتناسب واهدافكم المخطط لها، ضمن الفرص المحتملة في ظل هذه الحرب الدائرة! فهذا التدخل هو ما حصل منكم تماما هذه الأيام، بإجهار إنحيازكم المتوقع المقصود لطرف من أطراف الحرب! ومن جهة أخري، فإن ذلك الإنحياز في طبيعته وتوقيته، لا يأتي لمساعدة ذلك الطرف المعني – بعد فوات الأوان، وهو في مرحلة الإنهيار والسقوط، إنما لتقديركم أن تكونوا القوة البديلة في محاربة الدعم السريع، لأجل الفوز بمناصب ومحاصصات أكبر مما حصلتم عليها، في إتفاقيات أبوجا وسلام جوبا! 

 

فالسؤال هنا، هل انكم فعلا تريدون أن تكونوا الجيش البديل عن الجيش الوطني في محاربة الدعم السريع؟ أن كانت الإجابة – نعم، فيعني انكم تكررون ذات الخطأ، ليس في سوء تقدير إمكانيات الدعم السريع التي سقط فيها قادة الجيش أنفسهم، إنما في سوء تفسيركم لهزيمة الجيش، حتي تكون عظة لكم لتراجعوا وتتراجعوا عن هكذا موقف، بما يوقف سيل الدماء – بداية! وربما فات عليكم طبيعة قبول الطرف الأول محاربين بجانبه، وهو يخطط عبركم لإدخال الصراع مرحلة الحرب الأهلية، التي وجد ضالتها باستمالتكم وغيركم ممن معكم في الخط، باستثارتكم قبليا – كما شهدنا في الإستنفارات المعني بها اساسا تامين الشمالية الكبري ومنطقة بورتسودان، حتي تتسع دائرة القتال ونقلها بعيدا عن اواسط البلاد وشمالها تحديدا! وفي هذا السياق، فإن الملتقي القبلي الذي ستستضيفه مدينة الفاشر الخاص بدعم القوات المسلحة وتحت رعايتكم وتنظيم واليكم الجديد، لهو مخاطرة ومجازفة قابلة لأن تدخل الإقليم وتحول جزئية الحرب الدائرة بين الجيش والدعم السريع، إلي تفجر صراع قبلي لا يحمد عقباه، تعتبرون انتم مسؤولون عنه دينا وقانونا وأخلاقا!

 

ختاما، وبعيدا عن كل ذلك وخاصة خيار البرهان وهو مواصلة الحرب دون الجنوح لفرص السلام، فإن الدور المناط بكم والمتوقع منكم، هو الوقوف مع دارفور واهل دارفور في المحن التي ألمت بهم بصورة استنائية في ظل هذه الحرب الظالمة الجائرة!! وانتم في زيارتكم للولاية الشمالية، نسمعكم تتحدثون عن تبادل تجاري واشادات بإنسان الشمالية، ويفوت عليكم أن مدينة نيالا التي دمرها الجيش بالمدفعية الثقيلة وطيرانه المستهدف لبنيتها التحتية وقتل سكانها وشردهم، فات عليك أنها أكبر مركز تجاري يربط بين دول ثلاث، وفات عليكم أن تصدروا بيانا واحدا تدينون فيه وحشية تدمير مدينة نيالا، وضرب مدن دارفور بالبراميل المتفجرة السامة! فزيارتكم للولاية الشمالية اولي بها الوقوف علي آثار الإستهداف العسكري العشوائي لتدحضوا بها البيانات الكاذبة للجيش. ولأنه فات عليكم عدم استغلال هذه الزيارة للاحتجاج علي استهداف العزل من ابناء دارفور هناك، فإن المخجل المؤسف انكم تقولون: إن زيارة لجنة المُصالحات والسلم الاجتماعي التابعة لإقليم دارفور التي طافت عددا من محليات الشمالية بحثاً وتقصياً عما يُشاع في الوسائط والمواقع الاليكترونية من استهداف لانسان دارفور بالشمالية، دحضت كل الإفتراءآت – وربما مقتل حرسيكم الشخصيان أيضا! إلا أن ما عبر عنه السيد اردول وهو معكم في الكتلة الديمقراطية في هذا الصدد، بابداء استياءه من التصرفات الجهوية لوالي نهر النيل، ليعد ضربة قاصمة لكم لو تدرون!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى