بينما الشعب السوداني اليوم يمر بأسوأ كارثة في تاريخيه وتحديد مصيره، إلا أن الأسوأ من الكارثة نفسها هي مواقف قادته ليس في إدخالهم البلاد في هذه الكارثة، إنما فقدانهم الرؤيا وضياع البوصلة عنهم، لإستبصار طريق الخروج الآمن بأقل الخسائر! فالمتوقع تقييما لهذه الحرب منذ اسبوعها الاول، هو إعادة التفكير في خطط عملياتها، إما بوقفها أو المواصلة فيها بما يضمن إعادة السيطرة، إلا أن النتائج جاءت عكس ذلك … وهي تمدد الدعم السريع الميداني وظهوره الإعلامي الكبير!
وتاتي زيارات قائد الدعم السريع واستقبالاته الرئاسية في توقيت سددت ضربة لعلي كرتي والبرهان علي صعيد العلاقات الخارجية، وضربة أخري في إعلانه واستعداده لتوقيع إتفاق هدنة والتوصل لسلام مستدام دون قيد أو شرط! بينما البلابسة واستنفاراتهم والجيش الوطني في حال تقهقر في الميدان، لا يزالون يحشدون للتعبئة الشعبية للحرب مع مخاطرها المناطقية القبلية! البرهان في مخاطبته للقوات السودانية المنسحبة الي تشاد بمنطقة جبيت العسكرية، كل ما خرج منه من قول لا يبشر بسلام، حتي أنه متردد في قبول الإجتماع بحميدتي لهذا اليوم! والجميع يتساءل عن بديل البرهان ومفاجآته وهو يتشمر لمواصلة الحرب حتي الأن!!
الإيقاد ومبادرة رئيسها الجيبوتي اسماعيل قيلي ودعوتها لتنظيم لقاء ما بين البرهان وحميدتي، وبعد ابداء مواقفتهما، نجد أن الطرف الثاني حضر للاجتماع بينما الطرف الأول البرهان تغيب دون اعتذار معلوم – ربما يريد التاكد ليس،من حضور الطرف الثاني للاجتماع، انما للتأكد بانه علي قيد الحياة! لكن المفاجأة ان الطرف الثاني حضر بشحمه وعظمه مؤكدا للرئيس الجيبوتي عن رغبته لتحقيق السلام! الغريب في الأمر، مع أن الطرف الأول لم يؤكد حضوره للاجتماع خلال الأيام المقبلة، إذ بالإيقاد تضيف مقعد للمدنيين (مجموعة تقدم) في الإجتماع المنتظر بين الجنرالين! إذا البرهان يضع الإيقاد في حرج في تحديد مواعيد اللقاء المرتقب – والسؤال؛ علي أي أساس تمت إضافة هذا المقعد والطرف الأول (البرهان) لا يزال غائبا في موقف غير محدد ودون توكيد منه لحضور الإجتماع للآن!
دعوة البرهان للتعبئة العامة وما سبقها من دعوة مرافيت الجيش والشرطة للإنضمام للجيش وكذا دعوته لشرطة الاحتياطي وما تلاها من دعوات الاستنفار لمحاربة الدعم السريع كلها فشلت وكانت الضربة القاضية سقوط الاحتياطي وسلاح المدرعات!! هذه جاءت الاستنفار المناطقي، تحت مسمي الحشد الشعبي، فهل تقوم عمليات الحشد الشعبي باللازم بادارة القتال من المنازل كما الجيش نفسه يقاتل من قواعده؟ وهل هذا التكتيك يكفي لمحاربة الدعم السريع وتكون هي البديل المقاتلة نيابة عن الجيش لحماية المواطن نفسه والمرافق العامة والخاصة من الاسواق إلي مواقع الشركات عن الجيش!!
حركات الكفاح المسلح – قيادات قبلية من اثنية واحدة لتحقيق مطالب باسم اهل دارفور، الآن تنقسم بين مؤيدة للدعم السريع ومؤيدة للجيش!! هذه الغلوطية، هل هي تكتيكية حربية ام استراتيجية مستقبلية؟ في كلا الحالتين، الأيام المقبلة ستضغط لتكشف، حقيقة أنها فعلا مع الجيش ام انها مع الدعم! توقيت اي مواجهة مع الدعم السريع تحت أي حجة كانت هذه الأيام، والدعم يتقدم نحو مكامن الخلل في السودان، فانه يعبر عن تنسيق او إيحاء غالبا ما يكون من الأعور الدجال بالقاهرة، ليس فقط لتسديد طعنة من الظهر للدعم السريع وشل تقدمه الوشيك نحو الشمالية، إنما مخطط يسقط فيه مناوي لإدخال الإقليم في مواجهة قبلية طاحنة بين مكونات الإقليم العربية والغير عربية، وهذا هو هدف دولة-٥٦، الذي ترتب له من أجل إدخال البلاد في حروب اهلية، للتسريع بتدخل دولي في السودان! لكن المعلوم، أن الادارات الأهلية خاصة بشمال دارفور، لن تنجر لتحشد رعاياها لخوض حرب اهلية فيما بينها، عدا تلك التي سقطت في الفخ، ولن تجد من يقاتل بين صفوفها من أهالي النخب الشمالية – ردا لجميل ما قامت به للقضاء علي الدعم السريع، بإرسالها للآلاف من أبنائها للقتال بعيدا عن حدود ديارها بمئات الكيلومترات!
التدخل العسكري الدولي يتناقض مع مبادئ تنظيم الحركة الإسلامية، فهي ضد استقبال جيوش كفار في بلاد المسلمين، حتي جعلت من يوناميد قوة هجين – بلا صلاحيات (Not under put down gun, or shoot to kill action)، فهل هذه المرة ستكون تكرارا لذات الهجين ام ان القرار سيكون عنها بيد الأعور الدجال لتكون قوات دولية بأجندات تراعي حماية الشمالية كما كانت دارفور من قبل، بزيادة تمكنيها من عملية تحقيق مصيرها – تحت الحماية الدولية او الوصاية المصرية!!