عندما ضربَ الأمريكان مصنعَ الشفاء للأدوية في مدينة بحري الصناعية في العام 1997م، علّق المعارضُ للإنقاذ حينها، مبارك الفاضل المهدي في لقاءٍ تلفزيوني مع إحدى القنوات و قال: بالإضافة إلى مصنعِ الشفاء المدمر هناك مصنعٌ في الخرطوم إسمه اليرموك و يجب تدميره هو الآخر أيضاً.
ذهبت هذه العمالةُ و الخيانة الكبرى لوزير داخلية السودان يوماً ما و لم يُعدَم مبارك الفاضل و لم يُحاكَم و لم يُسأَل و لم يمثُل أمام القضاء المدني أو العسكري، فقط لأنه مبارك الفاضل المهدي، إبنُ الذوات و من أسرةِ الأكرمين. حقّ له أنْ يتخابر مع الأجنبي و يخون البلاد و يقدم عمالته على مرئى و مسمع من الشعب السوداني، ثم يتبجح و يعود لاحقاً مساعداً لرئيس الجمهورية في القصر الجمهوري مع ذات الرئيس (البشير) الذي عارضه و خان الدولة في عهده.
لم يُعدمْ كبيرُ العملاء و كبير (الخيانة) – بلغة السنماء الهندية – بل تم تمجيده و تكريمه و ترفيعه و توظيفه و توزيره ومنحه مكانة سيادية في عهد الإنقاذ.
أستطيعُ أنْ أقدمَ قائمةً طويلةً من الخونةِ و العملاء و الجبناء من أمثالِ مبارك الفاضل المهدي، إبتداءاً من البرهان الذي ولّى الدبر من ساحة المعركة مروراً بقادة المؤتمر الوطني و ليس إنتهاءً بصحفيي الحركة الإسلامية و كلهم خانوا و تخابروا مع الأجنبي و جلبوا طائراته لتصب حممها على رؤوس المواطنين السودانيين، بل أنّ أرضاً سودانيةً عزيزةً تقبع الآن تحت نير الإحتلال بسبب العملاء و الخونة و تسليمهم مقاليد الدولة لجهاز مخابرات ما يسمونها بالدولة الشقيقة.
و لا أحدٌ من كل هؤلاء قد تعرّض للمحاكمة أو إلاعدام.
حكيم *تيه*، مجرد جندي في كادقلي القصية البعيدة من دائرة الفعل و التأثير المباشر على الخرطوم و مركز القرار، يُتَهم بالتخابر مع قوات الدعم السريع، فتتم محاكمته صورياً و تصويرياً و إعدامه رمياً بالرصاص في سابقة لم يشهدها الجيش السوداني حتى عندما أعدم 28 ضابطاً في العام 1992م متهماً إياهم بجريمة الإنقلاب العسكري على سلطة الإنقاذ التي أتت هب الأخرى بجريمة الإنقلاب العسكري.
قُتلَ *تيه* لأنه *تيه*، فلم يكن حظه من الأسماء عنان الذي ترك الوزارة و هرب أو المصباح البراء بن مالك الذي زجّ بالسودان في أتون هذه الحرب أو الفاتح عزالدين الذي هدد الشعب السوداني بالقتل أو سرالختم أو سيداحمد أو خوجلي أو بانقا أو نُقُد.
حظه إنه *تيه* من فصيلة كوكو و كنو و كافي و كاكي و هذا وحده كفيل بأنْ يقوده إلى حبل المشنقة إنْ كان مدنياً أو الرمي بالرصاص إنْ كان عسكرياً.
هذه واحدةٌ من الفضائح التمييزية للجيش السوداني الذي سيطرت عليه طبقةٌ منتقاةٌ من الضباط، تمت صناعتهم طيلة فترة ما بعد الإستقلال وتوارثوا الرتبَ العليا إبناً عن أبٍ عن جد، دون تركِ أيَ مجال لمنافستهم، لأنّ الأمر ليس مؤهِل أو جدارة أو سِمات شخصية و إنما الأمر مناطق و قبائل و صِلات أسرية.
أُعدم *تيه* لأنّ ليس له ظهر يسنده من كبار الضباط و القادة. قُتل *تيه* ليكون نموذج فقط للتخويف حتى لا يُقدِم آخرون على الخروج عن الولاء و الطاعة لهؤلاء القادةِ المقدسين. أُعدم *تيه* بصورة إستفزازية لأنه ليس له قيمة إنسانية في حسابات من قدّموه كبش فداء لفشلهم في الحرب الدائرة منذ أبريل 2023 م. قُتل *تيه* للتغطيةِ على الهزيمةِ الكبيرة للجيش الإسلامي و مجاهديه و كتائبه في الخرطوم و جنوب كردفان. قُتل *تيه* كنتيجةٍ للحقد العنصري و الطبقي الذي يعتمِلُ في صدورهم.
جيشٌ يتخلّى عن حلايب و ابو رماد و شلاتين و الفشقة و يكتفي بقتل *تيه* كإنتصار كبير له لن يكتبَ له الإستمرار. جيشٌ بهذه المواصفات البائسة لن يستطيع البقاء ناهيك عن الإنتصار. تباً لكم أيها الخونة، قتلةُ *تيه*.
ابو محمد
20 أكتوبر 2023 م
الخرطوم
*فوتوا على الفلول سلاح الفتن القبلية*