(كرتي و المعاهو)
صدرت عقوباتُ الخزانة الأمريكية ضد علي كرتي، الأمين العام لتنظيم الإخوان المسلمين في السودان منذ فترة، و في إنتظار صدور عقوبات أخرى ضد آخرين نافذين في التنظيم حُددت أسماؤهم لدى الأمريكان، و في إنتظار عقوبات أوروبية لوّح بها الإتحاد اىأوروبي ضج ذات التنظيم.
و الهدف من العقوبات ليس كرتي أو بعض الشخصيات الإخوانية فحسب و إنما يتعداهم إلى التنظيم الإخواني السوداني ككل. فأميركا لم و لن تنسى إرتباطات أسامة بن لادن و تنظيم القاعدة في السودان في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي بهذه الجماعة الإسلامية و إحتضانهم له في الخرطوم و الإستفادة من أمواله الضخمة و شركاته (شركة الهجرة للمقاولات) في تمويل أنشطة متعلقة بالجماعة. و لن تكون ذاكرة أميركا هشة بحيث تنسى أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م التي شنها تنظيم القاعدة و زعيمها إبن لادن بعد مغادرته السودان و إستقراره في أفغانستان .
إذن آن الأوان أنْ تجتث أميركا تنظيم الإخوان في السودان و قد برّرت ذلك بعرقلته للحكم المدني الديمقراطي و وقوفه مع إستمرار الحرب من أجل عودة حكم الإخوان مرة أخرى.
هذه خطوةٌ واحدةٌ في طريق التفكيك الأميركي للجماعة، و معلوم أنّ علي كرتي ممسك بملف المال لتنظيم الإخوان المسلمين و أنّ لجنة التفكيك المحلية، على علاتها قد كشفت الخطير من ملفات الفساد المالي و العيني و الإجرائي لعلي كرتي و منظومته، قبل أنْ ينقلب حليفهم البرهان على الجنة و يلقي قراراتها و يزُج ببعض أعضائها في السجون و يرد ما قبضته من أموال و أراضي و ممتلكات و حسابات بنكية إلى أصحابها و هم رموز و قادة إخوانيين و إلى حزب المؤتمر الوطني و هو الواجهة السياسية للإخوان في السودان.
للعقوبات أثرٌ كبير و بالغ الأهمية على التنظيم و عضويته ، و سوف تشل قدرتهم على المناورة و ربما تجبرهم في نهاية المطاف على التخلي عن الخط المتشدد في قيادة الحرب و الإصرار على الإستمرار فيها رغم معاناة المواطنين كثيراً.
في واقع الحال ،فإنّ السودان و أمريكا و العالم أجمع في حاجة إلى تفكيك تمكين هذه الجماعات الإرهابية و التخلص من شرها الممتد خارج الحدود و إنهاء الشبكات المرتبطة بها إقليمياً و عالمياً و تجفيف منابع التمويل و التسليح السرية لهذه الجماعات.
أما عقوبات علي كرتي و صحبه فهي مقدمةٌ عمليةٌ لتنفيذ خطة متكاملة لمحاصرة و القضاء على مكامن و بؤر التطرف الإسلاموي في السودان بعد فشل تجربة الحكم و الإدارة التي تصدروها خلال ثلاثين عاماً خلت، فيما عُرف بعهد الإنقاذ ، شهد السودان خلاله أسوأ نموذج للحكم يمكن أن تدار به بلادٌ غنية بإمكانات السودان.
ستكشفُ لجانُ تقصي الحقائق الدولية المكلفة القادمة بما تملك من تقنيات، الكثير من المعلومات و الوقائع التي تعضّد ضلوع و تورُّط جماعة علي كرتي في جرائم حرب خطيرة تعرّض لها المدنيون السودانيون بسبب القصف الجوي بسلاح الطيران بالإضافة الى الإنتهاكات و الفظائع المصاحبة للعمليات الحربية.
عندما تتوقف هذه الحرب و يحل السلام في السودان، ستكون جماعات الإرهاب من البرّائين و كتائب الظل و قادة الجيش المؤدلجين و حلفاؤهم في جهاز الأمن و الشرطة، سيكونون قد مثَلوا أمام العدالة و القضاء المحلي أو الدولي ليقرر بشأنهم و يلقون جزاءهم المستحق بعيداً عن الإنتقام الذي تعودوا هم على ممارسته ضد خصومهم خارج قاعات العدالة.