فاصل درامي قدمته المؤسسة العسكرية على خشبة المسرح السياسي، عندما انسحبت بصورة مفاجئة من ورشة الاصلاح الأمني والعسكري، كشفت به حقيقة أن كل ما تقوم به من تصرفات (همجية) أصبح واضحا ومفهوما للناس، و يعكس حالة الخوف والرعب عندها من الوصول إلى النهايات، (حقيقة مرعبة) والتي تجعلهم خارج المستطيل السياسي.
لكن الأخطر أن المؤسسة لا تدرك أن هذه الأدوار تعمل على ترسيخ مفهوم عدم احترام الناس لها، فكيف لها أن توافق على كل بنود العملية السياسية، وعلى الورشة وتشارك لأكثر من مرة في فعالياتها، وتأتي وتنسحب بهذه الطريقة الفوضوية من اليوم الختامي!!.
فحتى المسوغ الذي رشّح عن انسحاب الجيش من الورشة كان ضعيفا وغير مقبول فالخلاف على مدة سنوات الدمج، ذِكره أو تجاوزه، قبوله ورفضه، لا يتم في قاعة الورشة، تسبقه اجتماعات ونقاشات بين الطرفين، ومن ثم تأتي لتبحث عما يتعلق به وكيفية تنفيذه، لكن أن تتفاجأ المؤسسة العسكرية داخل القاعة فهذا يعني أنه ليس هناك تواصلاً بين الأطراف وأنهم لا يلتقون إلا في القاعات.
ولا تدري المؤسسة العسكرية أن ما تمارسه من كرّ وفرّ، لن يشفع لها ويحميها مما هو (واقع) فهذه التصرفات (الفهلوانية) تضرُّ بصحتها أكثر مما تضّر بالعملية السياسية الجارية، فما حدث بالأمس أثبت أن هناك بعض الناشطين عسكريين تنقصهم الفطنة والتجربة.
فحتى بيان الجيش تعمد أن لا يذكر الأسباب والدواعي للانسحاب وقال: تؤكد القوات المسلحة التزامها التام بالعملية السياسية الجارية الآن، وتنوه إلى أنها تنتظر عمل اللجان الفنية التي تعمل على إكمال التفاصيل المتعلقة بعمليات الدمج والتحديث وصولا لجيش وطني واحد يحمي التحول الديموقراطي، وذلك تمهيداً لأن تكون هذه التفاصيل جزءاً من الإتفاق النهائي.
فهذا البيان يؤكد حالة الفزع في قلوب واجفة، كما يكشف أيضا أن ثمة من هم داخل المؤسسة من (كيزان الجيش) بالقرب من البرهان يمارسون حيلاً واضحة لأحراج الموقعين على الاتفاق والعمل على شراء الوقت، ووضع بعد العراقيل أمام العملية السياسية، ويأتي الجيش ليصدر بيانا يؤكد استمراره فيها.
فالمؤسسة تقول أنها ملتزمة بالإتفاق السياسي ولكنها (معذورة)، أنها لا تسطيع أن تقول أن فيها جنرالات (كيزان)، غير ملتزمين وغير راضين عنها، فالمؤسسة اعلنت الانسحاب من ورشة الإصلاح، لكن الانسحاب إلى الداخل!!، فكل ما تقدمه من عروض عبر بوابة الخروج الاضطراري، تأتي وتؤكده في بيان أنها مُلتزمة!!
طيف أخير:
وضع مواقيت زمنية جديدة، اقتراح ستدفع به المؤسسة العسكرية خلال ٢٤ ساعة، أو ستُنصب خيام العزاء غداً لموت أحلام الكثيرين الذين يمنحهم التأجيل فرصة للعشم في فشل العملية السياسية.
الجريدة