آداب

د. أسامة محمد جمعة داؤد يكتب :الأدب المقارن إشكالية المصطلح والمفهوم (1)

مراديس نيوز

الخرطوم        مراديس نيوز

كلمة مقارنة تخفي وراءها عدة مصطلحات منها : مناظرة ومماثلة ومطابقة ومشابهة وموافقة ، غير أنّ معناه الأصلي في اللغة العربية المصاحبة ـ ومنها قارن الشي قرانا أي صاحبه وقارن بين الزوجين قراناً جمع بينهما ، واستخدام المقارنة بمعنى الموازنه أمر محدث واستعمال خاطئ لأن هناك فارق كبير بينهما.

وقد ورد مصطلح الأدب المقارن في اللغات بصيغتين : الصيغة الأولي (الأدب المقارَن) بفتح الراء ويستخدم بهذه الصيغة في اللغات اللاتينية ، بينما في اللغات الجرمانية يستخدم بكسر الراء (الأدب المقارن) أي بصيغة إسم الفاعل.

وقد ظل مصطلح الأدب المقارن مصطلحاً خلافياَ ، لأنه ضعيف الدلالة على المقصود منه ، وقد نقده بعض الباحثين لكنهم آثروا الاستمرار فيه نظراً لشيوعه، فقد عده بول فان تيقم مصطلحاً غير دقيق واقترح أن يسمى (تاريخ الأدب المقارن ) أو (تاريخ الآداب المقارنة) ، واقترح ماريوس فرانسوا  أن يسمى (تاريخ العلاقات الأدبية الدولية ) أو (الآداب الحديثة المقارنة) وهو المصطلح الذي استخدم في بعض منابر الجامعات، أما جوته فاقترح أن يسمى (الأدب العالمي) وقد رفض لين كوبر الذي كان رئيساَ لقسم الأدب المقارن في جامعة كورنك الأمريكية هذا المصطلح واقترح أن يسمى الدراسة المقارنة للأدب.

ومثلما تضاربت مصطلحات الأدب المقارن وتباينت فقد تعددت مفهوماته وتعريفاته بين مدارسة المتعددة ، فقد عرف في المدرسة الفرنسية بأنه ” الأدب الذي يدرس مواطن التلاقي بين الآداب في لغاتها المختلفة في حاضرها وماضيها وما كان لزياك اللقاء من تأثير وتأثر” .

وقد تضمن التعريف عدة شروط يجب أن تتوافر حتى تُعد الدراسة من الأدب المقارن ، أهمها أن يتصدي الدارس لدراسة مواطن التلاقي بين الآداب أي  أن يتوافر الاتصال والاجتماع بين الأدبين ، وأن تكون المقارنة بين الآداب لا تتجاوزها إلى الفنون الأخرى ، وأن تكون تلك الآداب مكتوبة بلغات مختلفة ، فلا يعد الفرنسيون الموازنة بين شوقي وحافظ ابراهيم من الأدب المقارن ، وكل ما يساق داخل الأدب القومي الواحد لا تعده المدرسة من الأدب المقارن ، وكذلك الموازنة بين شكسبير وشارلز دكنز ليست من الأدب المقارن لأن كليهما فرنسيان وكتبا أدبهما باللغة الفرنسية ، وكذلك يجب أن يتوافر اتصال تاريخي بين الأدبين يوضح كيفبية انتقالها إلى لغة أخرى ـ وصلة توالدها من بعضها البعض ، وماهي الصفات العامة التي احتفظت بها حين انتقلت إلى أدب آخر.، كما يشترط الفرنسيون توافر التأثير والتأثر بين الأدبين أي استعانة الأديب بمادة من خارج إطاره الثقافي سواء كانت شخصية أو موقف أو فكرة ، طردياً مثل تأثر جوتة الألماني بكاريل الانجليزي ،في جوانب السخرية والالحاد واليأس  فرأى فيه حكيماً يدعو إلى التدين والاحترام والخضوع لما يفرضه الخلق القويم ، أو تأثراً عكسياً كتأثر شوقي في دفاعه عن كيلوباترا مثال المرأة الشرقية فهي في الأدب الأوروبي أمرأة مستهترة ولوع بالملذات تتخذ إلى غاياتها طرقاً ملتوية ، فأراد شوقي أن يصحح النظرة الخاطئة بتصوير كيلوباترا وطنية مخلصة تقدم وطنها على حبها.

نواصل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى