لقد تعلمنا من الساحة الدعوية أن رجل القول ليس كرجل العمل وأن أكثر القوّالين ليسوا فعّالين! وأنهم يرسبون في أول اختبار من الدور الأول، كما حصل للملأ من بني إسرائيل في امتحان القتال الذي طلبوه ثلاث مرات بعد التحذير؛ في مواصفات القائد المَلِك “قالوا أنى يكون له الملك علينا…” وفي عدم الشرب من ماء النهر “فشربوا منه إلا قليل منهم” وفي قلة الطاقة لمقارعة جالوت وجنوده “قالوالاطاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده”
*وفي النهاية لم يثبت سوى الذين يظنون أنهم ملاقوا الله “قالواربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا..” فهؤلاء هم الموحدون، نعم، إنهم أصحاب العقيدة الصحيحة التي زكاّها الله، وهي ما عليه رسول الله وصحابته الكرام من غير إضافة كائن من كان!! “فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا” اتبعوا ما أنزل إليكم…ولا تتبعوا من دونه أولياء”
*وخلاصة المعتقد: إيمان بالله وكفر بالطاغوت أيا كانت صفته ومواصفاته، وإخلاص في النية والمقصد ومتابعة للشرع، موالات للمؤمنين وبراءة من الكافرين بأي شكل من الأشكال ومسمى من المسميات، هذا هو الإيمان المنجي،
وأما فلسفة العقائد التي امتلأت بعلم الكلام وامتزجت بأقوال المدارس الفكرية! فلا يثبت أهلها أبداً أمام شبهات العلمانيين وشهوات القساوسة الذين مسخوا دينهم! وزرعوا البرود العقدي في بعض الفقهاء المعينين بما يسمونه التسامح الديني، والتعايش السلمي، فالديانات السماوية فالإبراهيمية!! وقد يأتي يوم فيسمون مذاهبهم بأسماء الحكام وولاة الأمور، وحينها تجد لهم “لجنة تطويع النصوص” أدلة “ليّاً بألسنتهم” وتحريفا للكلم عن مواضعه، لأن الثبات على المبدأ عندهم ليس من الثوابت، والغاية تبرر الوسيلة، وهذه الأيام شاهدة،
*ولقد بلغنا عن ثقات تُحِيل العادةُ تواطؤهم على غير الحق، أن التِّنِّين الأشتر-هداه الله- عاكف هذه الأيام في الإسطبل مع مطافيله مريديه والمُهَرِّجين أبْتَع، وقد جمَّعوا أضَابِيرَهم- قراطيسهم- في أضْبَانِهم -ما بين الكشح والإبط- لإخراج موسوعة “برهوتية” من هراطقه وغرائبه التي يُوَقِّع فيها نيابة عن نوادر الفقهاء واستطرادات بعض الأصوليين وطوامِّ ابن عُلَيّة المعاصر وشطحات القرامطة الجدد، وقد جمعها كلها “مقطوع الطاري”! ليؤجّج بها الساحة الدعوية الملتهبة أصلا قبلها! وقد أشار إليه “الحَلاّج” والأدْنَش “محروق الحَشَا”! ووعده بأن “جيفارا” متروك الشّبَه! سيقدم لها تقريظا يرشحه فيه لمرتبة “المجتهد المطلق” لأنه وحيد عصره وفريد دهره، فله الزمان والمكان وكبرى العوائص الطوام! فلله دره من فارس، يوافينا بغرائبه “في كل عام مرة أو مرتين” ليرمي عواثره
-حبّالة صيده- لصيد الطرائد البريئة! فإن يكن كما قيل، فإن الأحاجي الطائفية لترتطم بحقائق الوسطية الأبيَّة، وهذه المَرَّة لن تسلم الجَرَّة.
*وقبل نهاية المشال، قد يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق ومن السوار ما أحاط بالمعصم، وفي المعاريض مندوحة فإن .لا. النافية إنما تدخل على النكرات دون المعارف، ولنا إيماءات أُخَرُ لنوصِّل لهم القول.