بالرغم بعض الهنات التي صاحبت فعاليات مهرجان بلاد النور في نسخته الأولى لكني أدعو الجهات المنظمة الى المضي قدماً في خططها الطموحة لتطويره وتدويلة عربياً وافريقياً وأوربياً، فبلاد النور مليئة بالموارد الثقافية البشرية مثل امتلأؤها بالموارد الاقتصادية ، فالمهرجان الذي انطلق من أصل البشرية يجب أن يعم نوره إلى كافة البشرية ، واعتقد أن المخرج الطيب صديق رئيس المهرجان يحمل من الطموح ما يسعفه على الثبات وعدم الترنح أو التقدم إلى الخلف .
سوف يردد المحبطون بعض المناقص التي صاحبت رحلة البرنامج الاخيره في البجراوية وهي مناقص هامشية وقليلة جداً اذا قيست بحجم المراديس التي اسقطها المهرجان على الحراك الثقافي، فقد شهدنا لأول مرة ملتقى تفاكري للبعثات الأثرية ، قدمت فيه أوراق قيمة وتبعتها توصيات لا تقل قيمة عن الأوراق لو قدمت لجهات الاختصاص سوف تسهم في تطوير السياحة الأثرية ، كما شهد البرنامج تدشين فلم جزيلدا زوجة الدكتور عبد الله الطيب وكان بحق فلماً رائعاً أدهش الحاضرين بمحتواه وأعجبتهم طريقة عرضه .
مهرجان بلاد النور لا يقل شأناً من مهرجانات القاهرة أو مهرجان الربع الخالي أو مهرجان البحر الاحمر السينمائي أو مهرجان الخرطوم للشعر العربي ، أو مهرجان المغرب للمسرح العربي أو مهرجان داري في تشاد، وإن كان الأخير أقرب إلى بلاد النور لكن بلاد النور يتميز بالشمول ومراعاة جميع الازواق العمرية .
فقد قدم بلاد النور برامج متنوعة بعضها يخص الاطفال وبعضها للأعمار الشابة وبعضها للشباب المتقدم والكبار.
ويعد مهرجان بلاد النور كما صرح بذلك رئيسه ملتقى للتعارف بين السودانيين بأجناسهم المختلفة وثقافاتهم المتعددة ، ويهدف إلى التعريف بحضارة السودان وإنسانه وموارده ، بعيداً عن الانتماءات القبلية والمناطقية
وقد اشتملت فعاليات المهرجان على عدة مناشط ثقافية وفنية وتراثية أهمها العرض المائي للزوارق ، والمصارعة السودانية ، ومعارض للنحت والتصوير الفوتغرافي ، وورش عمل عن الحقوق الثقافية وموسيقى الراب والهبهوب، وبازار لعرض المنتجات السودانية ـ ومناشط لتوعية صحية وتطعيم ضد الكبد الوبائي ، بالإضافة إلى رحلة البجراوية التي شارك فيها أكثر من خمسمائة شاب وشابة .
استطاع المهرجان أن يعيد الدفق الموسيقي والفني ، ويستنهض الذاكرة التراثية بعروضة ومناشطه المبهرة وألحانه التي اطربت الشباب المشارك في الخرطوم والبجراوية، فقد شارك في البرنامج أكثر من مائة مغني بالإضافة إلى الفرق الموسيقية وقد تفاعل المشاركون الذين قدرت أعدادهم بأربعين ألفاً مع الأغاني المحلية والاجنبية ، والمعارض ، وكان البرنامج سانحه للقيا وسانحة للترفيه وسانحة للتعارف والتصاهر وسانحة للتسويق والترويج.
ونحن ننتظر تكامل الجهود ومشاركة الدولة من أعلى الهرم الرئاسي في الإسهام في إنجاح مهرجانات النور التالية مادياً ومعنوياً ولوجستياً ، فهي تقدم خدمة كبيرة للسلام الاجتماعي والتطبيع الثقافي مع الدول والحراك الدبلوماسي وقد شهدنا بالأمس تفاعلاً كبيراً من اليونسكو والبعثات الأجنبية مع فعاليات المهرجان وقد تم تكريمهم بمعية حراس الآثار من قبل اللجنة المنظمة.