مقالات

الهجوم الإسرائيلي علي إيران: دخول مرحلة الحسم 2-5

🎯 عبدالرازق أنقابو،،،

الهجوم الإسرائيلي علي إيران: دخول مرحلة الحسم 2-5

🎯 عبدالرازق أنقابو،،،

. ٢٢ يونيو ٢٠٢٥م

إلحاقا للمقال الأول السابق (الهجوم الإسرائيلي علي إيران: ضربة محدودة أم حربا مفتوحة – ١٦ يونيو الجاري)، والذي من خلال تحديده لأوجه طبيعة الهجمة الإسرائيلية علي إيران، يكون قد اعطي قراءة وتأطيرا واقعيا لإتجاهات الحرب، وما يليها من تداعيات محتملة – خاصة، مع التطورات المتسارعة فيها، وهي في حدود اسبوعها الأول! ولأن الهجوم مصمم لمحو المهدد النووي الإيراني، وهو لا يزال مستمرا لليوم العاشر – بذات الضراوة، دون بيان يوضح تحديدا ما تحقق وما لم يتحقق بعد، حتي بعد الضربات الأمريكية لثلاثة مواقع نووية إيرانية، فإن الخروج بأي بيان، لم يتطرق لمستوي إزالة ذلك التهديد، فهو مجرد تغطية عن الفشل المحتمل للعملية العسكرية برمتها! هذا الفشل المحتمل، هو ما يؤكده اضطرار إسرائيل، لطلب مساعدة عسكرية خارجية، تمثلت حقيقة في هذه الضربات الأمريكية التي شملت منشأة أصفهان، نطنز وموقع فوردو الجبلي، ليلة البارحة! وبهذا تكون الحرب قد دخلت فعليا، مرحلة العمليات الحاسمة!

ما يهم في تلك الضربات الأمريكية، هي أنها – لحد الآن، تعتبر استرضاء ودفع معنوي للحرب الإسرائيلية علي ايران، وليست إجابة قاطعة – ببيان يعلن، عن إنتهاء المهدد النووي الإيراني! وبغض النظر عن جدوي هذا القصف الأمريكي خاصة لموقع فوردو، ودلالته الاستكشافية عن حقيقة البرنامج النووي الإيراني، وما يقابله من ردات فعل محتملة – إيرانيا، فإن مجرد الإستجابة عسكريا لإسرائيل، وأمريكا نفسها – في ذات الوقت، تفتقر لتفويض المجمتع الدولي، لتكرار هكذا ضربات، فهذا ما يترتب عليه ظهور تحديات وتداعيات محسوبة علي التدخل الأمريكي من جهة، وعلي خروج الحرب عن السيطرة – الإسرائيلية، من جهة أخري!

وبعيدا عن ردود الأفعال الإقليمية والدولية وتداعياتها المحتملة علي هذا التدخل الأمريكي، فما يهم أمريكا إستخباراتيا، هي تحققها (استكشافها) من حالة المهدد النووي الإيراني، الذي عليه تقرر – إما الإكتفاء بهذه الضربات، أو الإتيان بمزيد منها! وحتي تتضح الرؤية في هذا الإتجاه – المتداعي، فإنه من الأهمية بمكان – أولا، التذكير – إستصحابا، بطبيعة الهجوم الإسرائيلي علي إيران واوجهه المتعددة – بالتلخيص، الآتي:

أولا – حتمية الهجوم:

وهي كقرار متخذ مسبقا، فإنها لا تنتظر إلا ساعة صفرها المؤاتية لبدء الهجوم! فالسيناريو المرسوم لهذه الحرب، تم تنفيذه بداية بالهجوم علي وكلاء إيران بالمنطقة (تنظيم حماس الإخواني، حزب الله الشيعي وانصار الله الحوثي)، والمستمر، حتي إشعار آخر!

ثانيا – تبني أولوية تحقيق الأهداف:

ولطالما أنها هي حرب لبلوغ اهداف محددة، فلا نتوقع فيها ان ترضخ إسرائيل – نتنياهو تحديدا، لأى مساوات تقطع الطريق أمام تحقيقها، ولا تتردد في أن تجعلها حربا مفتوحة، حتي تحقق أهدافها بشكل تام! هذه الأولوية المتبناة، هي لضمان إزالة مهددات الأمن القومي الإسرائيلي، حيث تمثل فيها إيران واحدة من أهم الدول المعتبرة مهددا كامنا (potential threat) لأمن وسلامة الشعب الإسرائيلي بالمنطقة! وبما أنه قد تم تدمير خمس دول منها (العراق، سوريا، اليمن، ليبيا والسودان – جاري التدمير)، فإن السادسة الآن هي إيران، وتليها حتما مصر – الدول السابعة، قبل أن تصبح نووية، وختامها – إحتمالا كبيرا؛ دولة باكستان الإسلامية!

ثالثا – استكشاف مدي قدرات إيران النووية المجهولة:

هذه هي النظرة بل هي الخطة الأمريكية للتحقق من قدرات إيران النووية. تقوم هذه الخطة علي تنفيذ ضربات قاسية متتالية – إسرائيليا أولا، لإجبار إيران إما علي الاستسلام بالتنازل عن برنامجها النووي وكشفها عن جميع مواقعه، أو لاضطرارها للإعتراف بالكشف عن أنها دولة نووية! وهنا، برغم ضآلة هذه الإحتمالية، فان مجرد إعلان إيران عن نفسها كقوة نووية، فإن ذلك يكلفها – بالمقابل، التهديد باللجوء مباشرة للخيار النووي، في حال لم تتوقف الضربات الانتقائية المتكررة عليها – فورا!

رابعا – فرض واقع جديد بالمنطقة:

وهو قبول التعايش السلمي مع بني إسرائيل بين شعوب دول المنطقة بأجمعها، من خلال برنامج الدعوة – الغير معلنة، لفرض ما يسمي بالديانة الإبراهيمية علي دول المنطقة قاطبة، بما فيها مصر! وهنا، فإن الفشل في قبول تمرير هذا الواقع المستجد، يعني مواصلة الحرب لتأمين خطة حماية إسرائيل الإقليمية، ولعل هذه الحرب المنتظرة أو دونها اتباع الديانة المستجدة، هي ما أشار إليها الرئيس رجب طيب أردوغان في حديثه اول أمس، من علي خلفية الحرب الإسرائيلية الإيرانية الدائرة، وهو يحث فيه، علي ضرورة الإستعداد لهكذا حرب محتملة!

الآن، بدخول الحرب يومها العاشر، ومع التفوق العسكري الإسرائيلي فيها، إلا أن النتائج المتحصلة خلال اكثر من أسبوع من عمليات القصف النوعي المتواصل، هي دون المستوي المطلوب، رغم تحييدها التام لسلاح الجو الإيراني! عليه، فإن تلك النتائج المتحصلة والغير مرضي عنها إسرائيليا ولا أمريكيا، هي ما تم إستنتاجها ك “نقاط ضعف” عند المراقبين للحرب – مرصودة، بالتفصيل الآتي:

اولا: تمكن إيران من إمتصاص الضربة الأولي وما تلتها من ضربات – لهذا اليوم، ومع استهدافها مباشرة لمواقع عسكرية حساسة وأخري إستراتيجية في العمق الإسرائيلي، قد شكل نتيجة غير مرضي عنها!

ثانيا: إن معطيات الأسبوع الأول للحرب توحي بشئ من توازن قوي بين طرفي الحرب، كما شهدنا في الحرب الروسية الأوكرانية التي تحولت لسجال مستمر، دون تحقيق الأهداف المرجوة، رغم إنتفاء المقارنة عسكريا ما بين الطرفين! هذا السيناريو – حرب السجال “الاستنزافية”، هو ما تخشي إسرائيل – سقوطها فيه!

ثالثا: برغم من ان إسرائيل قد حيدت سلاح الطيران الإيراني من المشاركة في الحرب، إلا أن هذا لا يعني تحقيقها السيادة الجوية المطلقة، وهو ما دفع إيران – بالمقابل، للاستعاضة عن ذلك التحييد باللجوء للمسيرات والصواريخ الفرط-صوتية!

رابعا: الفشل في تحقيق الأهداف المرجوة، المتمثلة في عدم الخروج ببيان – لهذا اليوم، يؤكد للشعب الإسرائيلي زوال المهدد النووي الإيراني، او علي اقل تقدير تحديد حالة مستواه الراهنة، خاصة بعد الضربات الأمريكية ليلة البارحة!

خامسا: فشل القبة الحديدة للكيان الإسرائيلي، في التصدي للردع الإيراني المتواصل، وتداعيات ذلك علي امن وسلامة المواطن الإسرائيلي! – وبالتالي؛

سادسا: ظهور تصاعد حالات النزوح المجتمعي بين طرفي الحرب، وما له من دلالات أمنية واجتماعية وسياسية واعلامية سالبة، إضافة لتأليب المجتمع الدولي للاستجابة لحالات هكذا نزوح – انسانيا، وما لهذا أيضا من انعكاسات انتقادية وانتقاصية، غير محمودة!

وبقراءة أخري، لهذه النتائج الغير مرجوة، وقد مثلت ردات فعلها البائنة تحديات أمام العملية العسكرية الإسرائيلية ضد ايران، لدرجة اضطرارها للمساعدة الأمريكية، فإن ما يلزم إسرائيل حتي تحقق الأهداف المطلوبة وبشكل عاجل، هو قيامها بهجمات تصعيدية غير مسبوقة خلال هذا الاسبوع الثاني من الحرب. هذه الأهداف المطلوبة، تتمثل في الآتي:

أولا – ضمان زوال المهدد النووي الإيراني:

عسكريا، إن إستهداف منشأتي نطنز واصفهان، هي ليست بذات الأهمية لاستهداف موقع فوردو المصمم، داخل منطقة جبلية بعمق (١٠٠) متر تحت الأرض! ولذا، فانه بحاجة للقصف بقنابل خارقة للتحصينات (bunkers’ bluster bombs) وبصورة متتالية، حتي بلوغ المائة متر عمق! هذه العملية تعتبر تحديا للجيش الإسرائيلي، نسبة لعدم تزوده بهذه النوعية من القنابل والطائرات الحاملة لها! إلا أن ما قامت به امريكا البارحة، عبر طائرتها الإستراتيجية (B-2) – نيابة عن الجيش الإسرائيلي، لهو إعلان عن دخول الحرب مرحلة الحسم، سواءا حققت الضربة أهدافها ام لا! العمليات الخاصة بهذه المرحلة، تقتضي ايضا توجيه ضربات مماثلة، لكافة مواقع وكلاء إيران بالمنطقة، بما فيها مواقع الحرس الثوري الإيراني بالسودان تحديدا!

ثانيا – إثبات تفوق الردع:

لطالما ان الضربات الإيرانية لا زالت تتوالي علي إسرائيل وقد خلقت مهددا مباشرا لأمن وسلامة المواطن الإسرائيلي، فإن ذلك يلزم إسرائيل القيام بعمليات نوعية، تضمن بها إسكات إطلاق او صد المسيرات الإستراتيجية والصواريخ الفرط-صوتية الإيرانية المتساقطة عليها بشكل تام، والا فلا معني لاعلانها السيادة علي المجال الجوي لإيران! تحقيق هذا الهدف، هو ما يلزم إسرائيل أيضا، القيام بالمزيد من عمليات الرقابة والضربات علي السواحل والمواني اليمنية والسودانية معا، تاكيدا منها علي دخول الحرب مرحلة الحسم – عسكريا!

ثالثا – العمليات الاستكشافية:

وهي ما يقصد بها توالي العمليات النوعية الإنتقائية عبر الطائرات الإستراتيجية – إسرائيلية كانت أو أمريكية، التي تجبر إيران إما علي الاستسلام أو علي إعلان نفسها دولة نووية، ليتقرر بعدها إما قبولها في النادي النووي، أو اختبارها بضربة نووية تكتيكية، وهي ما تتعذر إسرائيليا – لحد الآن! اندراج هذه العمليات الخاصة تحت مرحلة الحسم الجارية، هو ما يؤكد اهميتها الاستخباراتية العاجلة!

ختاما:

إن تمام الحرب ليومها العاشر، ولم يتم فيها تحقيق الأهداف المرجوة، هو ما دعا إسرائيل باللجوء لعمليات مرحلة الحسم – لإنهاء الحرب، وفقا للرؤية الأمريكية، المتخوفة من استمرارها وما لذلك من تداعيات، تعتبرها امريكا – أنها، في غني عنها! عليه، ففي ظل تلك المعطيات المتباينة، وبغض النظر عن قيام ايران بعمليات تستهدف القواعد أو المصالح او الوحدات العسكرية الأمريكية، فالمؤكد أن الحرب ستشهد تصعيدا غير مسبوق! إلا أن التحدي الذي يواجه إسرائيل فيها، إن لم تستسلم إيران تحت هكذ ضربات نوعية، هو إنفلات أمر الحرب من يدها! عليه، إذا ما نفذت إيران هجمات انتقامية ضد امريكا، فان المنطقة بأسرها ستكون، أمام احتمالات وسيناريوهات، لا يحمد عقباها!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى