
حرب 15 أبريل أطوارها وأغوارها
بقلم/ د.أسامة محمد جمعة داؤد
رئيس دائرة الدراسات والبحوث بالمركز الافريقي للديمقراطية والتنمية
مرت عامات على الحرب الوحشية الدامية التي أشعلها وابتدرها الجيش السوداني ومليشياته المتطرفة المتحالفة معه بسبب موقفه المناهض من الخطة الدولية الإطارية الرامية لإعادة الحكم للمدنيين وخروج الاطراف العسكرية من السياسة وإخضاعها للإشراف المدني وحظر أنشطتها التجارية والاستثمارية.
وعلى خلفية ذلك التحول تداعت أبواق النظام السابق لتدفع البرهان لإتخاذ تدابير وإجراءات لتازيم الموقف لإفشال الخطة الدولية باختلاق سبباً وهمياً يرتبط بعملية دمج القوات وتسريحها لاشعال الفتنة
وكانت في مقدمة هذه الإجراءات إعادة الكثيرون من انصار النظام السابق إلى مراكز مهمة في الخدمة العسكرية والمدنية ، وإطلاق سراح أعضاء مجلس السيادة لابتدار الحرب الكلامية ضد الدعم السريع في المنابر والاعلإن عن مواقف سياسية معادية لقائد قوات الدعم السريع وفتح المنابر الرمضانية للأخوان المسلمين وأنصار النظام السابق للتهديد والوعيد بالحرب الشاملة ومنع الفريق أول حميدتي من تلقى بعض التقارير الأمنية والدبلوماسية التي كان يتلقاها بحكم منصبه ونزع ملف السلام الذي كان يشرف عليه ، والاعلإن عن قوة للتدخل السريع برئاسة البرهان ومنحهها مشروعية امتلاك طائرات حربية ومسيرة لأى تهديدات.
وقد بدأ البرهان وأعوانه الحرب بمحاولة فاشلة لاستمالة الحركة الشعبية جناح الحلو في اجتماع سري بجوبا كشف عنه نائب رئيس الحركة جقود مكوار .
ثم لجأ البرهان لاستمالة عناصر النظام السابق وواجهاته كالتيار الاسلامي العريض وحركة الاصلاح الآن وبعض الشخصيات الجهادية المتشدد لتهيئة انصارها للحرب ووأد مساعي الديمقراطية وقدم تنويراً للحرس الجمهوري بشان الاستعداد والتهيأة الكاملة لعملية إبادة مرتقبة لقوات الدعم السريع وتم تعزيز قوات وادي سيدنا بكتيبة من الهجانة الأبيض.
وكشف الفريق حميدتي عن انقلاب وشيك يعد له ضباط من الجيش بمعاونه دولة مصر سوف يستخدم فيه الطيران المصري لضرب بعض الأهداف وواجه البرهان بتسجيلات صوتية تثبت ذلك وعلى ضوء هذه الحقائق سمح له بتحريك قواته إلى مروي لمراقبة المطار الذي كان مليئاً بالطائرات المصرية وعدداً كبيراً من الطيارين وبمرور الوقت انكشفت الحقائق وتبدت بمشاركة الطيران المصري في معارك جبل موية واعتراف المخابرات المصرية بتدمير طائراتها في السودان والكشف عن ارسال قوات مصرية إلى منطقة ود الحليو بولاية القضارف في مهام استخباراتية.
ورغم هذه الخطط والتدابير الانقلابية التي أعدها الجيش واعوانه لوأد قوات الدعم السريع في ثلاثة أيام، فقد تصدت قوات الدعم السريع على الهجمات الشرسة الغادرة التي شنت على مواقعها في الخرطوم وامدرمان ومعسكراتها التدريبية جواً وبحراً وقدم فوارسها نموذجاً فريداً من الشجاعة والإقدام في الدفاع عن النفس وعن مؤسسة يراد وأدها حتى سيطروا بالكامل على العاصمة وأصبحت لهم الغلبة التي مكنتهم من السيطرة على عدة ولايات بالسودان من بينها إقليم دارفور.
ورغم انتصارات قوات الدعم السريع وسيطرتها على أجزاء واسعة من السودان لكنها استجابت لكل النداءات المحلية والإقليمية والدولية بالاقبال على التفاوض من أجل وقف الحرب وإقرار السلام في منبر جدة والمنامة وجنيف وبالمقابل ظل الجيش السوداني يجدد رفضه للتفاوض ويتمسك بموقفه بعدم الحضور لأي مفاوضات، ويتنصل مما تم الاتفاق عليه في جدة والمنامة
مرت عامات من الدماء والدموع وذاكرة التاريخ تعج بالكثير الجنايات الكبيرة اغترفها جيش البرهان ومليشياته العنصرية المؤدلجة خلال هذين العامين بدءاً من حملات تجريم الحواضن ، وتكفير قوات الدعم السريع ، وتبرير القتل والانتقام وتشجيع المواطنين لأخذ الحق اليد والتعدى على مواطني الكنابي بالجزيرة وحرق منازلهم ومزارعهم وإبادة مواشي الدوامر العربية في اقليمي كردفان ودارفور
وحرمان المواطنين في مواقع الدعم السريع من المساعدات الاغاثية والخدمات والانترنت والكهرباء والمياة والرواتب والاوراق الثبوتية والعملة الورقية والتعليم الجامعي والشهادة السودانية.
واطلق البرهان العنان للتنظيمات الإرهابية المتطرفة ومنسوبيها في الجيش لممارسة التهديد والوعيد لمن يخالفهم من أبناء دارفور وقد استمعنا إلى فريق في الجيش السوداني يهدد بإبادة إقليم دارفور وسمعنا المتحدث الرسمي باسم المقاومة الشعبية المتحالفة مع الجيش يهدد بملاحقة سكان الكنابي في باطن الأرض.
وامتدت الانتهاكات الممنهجة إلى اختطاف الشيوخ من الخلاوي والمعلمين من المدارس والاطباء من عياداتهم وتصفيتهم بناءً على تصنيفات قبلية وجهوية وقد تمت تصفية 50 مواطن على هذا الاساس في ام القرى ، وارتكبت مجزرة في حق طلاب ومشايخ الخلاوى بالرهد ومجزرة أخرى لعدد 26 من أبناء السلامات في جبل الأولياء بالاضافة إلى مجزرة العركيين ومجررة أبناء العريقات في الشقيق بولاية سنار ومجزرة طرة بولاية شمال دارفور ومجزرة كمبو طيبة بالجزيرة.
وتواترت الأنباء عن الإعتقالات التعسفية والمحاكمات المجحفة للآلاف من أبناء غرب السودان وعمليات التعذيب والتجويع الممنهج داخل مواقع الاحتجاز حتى الموت كما حدث لبعض اهل الكنابي وحفظة القران في ولاية الجزيرة.
لكن الجرم الأكبر الذي ارتكبه البرهان وحكومته هو فتحه منافذ البلاد للإرهابيين الوافدين والجهادين والدواعش أمثال أبو رعد السوري ، وداعشي كورنثيا الذي لوح بعلامات النصر بإلاضافة إلى استعانته بتنظيمات ارهابية داخلية لها علاقات بالنظام الإيراني امثال تنظيم البراء وتنظيم البرق الخاطف وتنظيم هيئة العمليات هذه التنظيمات العنصرية المتطرفة التي ولغت في دماء الأبرياء وباشرت عمليات الذبح الوحشية في حق أهل الكنابي في الجزيرة وذبحت إمراة وابناءها في دردوق وذبحت مدير التعليم في أم روابة ونشرت مقاطع عديدة من عمليات الذبح التي تقوم بها في وسائل التواصل الاجتماعي ، وتفننت هذه التنظيمات في ضروب القتل البربرية الوحشية فاستخدمت الدهس والشنق والحرق والرمي في البحر وبقر البطون والإعدام الميداني وتهشيم الرؤوس والخنق حتى الموت وكل هذه العمليات وثقتها أو تم توثيقها بقدرة قادر وشوهدت في وسائل التواصل الاجتماعي .
وقد ظهرت جرائم دخيلة على المجتمع السوداني بعد انسحاب قوات الدعم السريع من من الخرطوم مثل نزع الأعضاء البشرية للمتهمين بالتعاون مع قوات الدعم السريع ، والاتجار بالأعضاء البشرية للأطفال كما حدث بمنطقة شرق النيل وارغام شباب من غرب السودان على الزحف عرايا في شارع الأسفلت واختطاف شباب مايو على متن ثلاجات الموت الكبيرة وتصفية الأدباء والأطباء وحفظة القران واستخدام السواطير في تكسير الرؤوس الآدمية.
وأشرف البرهان على الغارات الجوية الكيميائية التي استهدفت الكومة وادت إلى اجهاض أكثر من 100امراة وشوهت العديد من الأجنة كما اشرف على العديد من الغارات الكيمائية على منطقة شنغل طوباي وموارد المياة ومراعي الإبل في الدوامر العربية بدارفور واستخدم الصواريخ البالستية المحرمة في أكثر من مرة في مدينتي الضعين ونيالا
وقد أقرت سلطات البرهان بقتل جميع الاسري بولاية سنار ووثقت إعتقالها واحتجازها لعدد 2000 شاب من منطقة العذبة بحري ووثقت حملات المداهمة التي نفذتها بناءً على قانون الوجوه الغريبة في مواقع سيطرتها وقد أدرك كل العالم أسهامها مع القوات المشتركة وضع مواطني زمزم دروعاً بشرية وتحويل سكناتهم إلى مناطق عسكرية.
وتعمد البرهان خلال العامين الماضين تدمير كل البنية التحتية والمرافق الاستراتيجية ومواقع الخدمات في اقليم دارفور بدوافع انتقامية عنصرية بلإضافة تدمير العاصمة السودانية الخرطوم بشكل كامل، فقد تسبب طيرانه الحربي في تدمير عدة منشآت مهمة مثل مطار الخرطوم ، ومصفاة الجيلي ومحطات المياه والكهرباء ومقر الاذاعة والتلفزيون ، والقصر الجمهوري وكل الوزارات والبنوك والأبراج العالية وقاعة الصداقة بإلاضافة إلى جميع أسواق العاصمة مثل: السوق العربي وسوق سته وسوق سعد قشر والسوق المركزي والسوق الشعبي واستهداف عدد كبير من الجامعات في مقدمتها جامعة النيلين والسودان وأم درمان الاسلامية بالإضافة إلى تدمير جميع المصانع والمخازن في المناطق الصناعية في بحري والخرطوم وأم درمان وجميع ابراج الاتصالات ومحطات الكهرباء والاتصالات والجسور المهمة كجسر الحلفايا شمات بمحلية بحري.
وظلت قوات الدعم السريع تحافظ على نهجها في الالتزام بقواعد الحرب وآدابها رغم التعديات الشنيعة على حواضنها الاجتماعية في جميع أنحاء البلاد وعززت موقفها بتكوين إدارات شعبية في مواقع سيطرتها تطورت لاحقا إلى إدارات مدنية في الولايات، ووسعت تحالفاتها مع القوى المدنية المناهضة للحرب وأخيراً استطاعت تتويج مجهوداتها في تحالف عريض مع الحركة الشعبية والحركات الأخرى والقوى المدنية بالتوقيع على ميثاق السودان التأسيسي لحكومة السلام والوحدة