الأخبار

الخروج من الخرطوم: إستيفاء محسوم أم سيناريو مكتوم؟

مراديس نيوز

الخروج من الخرطوم: إستيفاء محسوم أم سيناريو مكتوم؟

🎯 عبدالرازق أنقابو،،،

بغض النظر عما حدث من انسحابات للدعم السريع بمناطق أخري – بدءا؛ من مقر الإذاعة بأم درمان، وموقع جبل موية، ومدينة سنجة ومدني ومصفاة الجيلي وكل منطقة شرق النيل، إلا أن حدوث خروجه من الخرطوم – حيث؛ تقع قيادة الجيش ومقر القصر الرئاسي من عهد مقتل غردون فيه، إلي نزوح البرهان منه ومحاولات العودة إليه، ليمثل لحظة تحول فارقة في تاريخ هذه الحرب الدائرة، سواءا كان ترتيبا وفاقيا او سيناريو قتاليا! ومع ان العاصمة الخرطوم تمثل رمزية سيادة الدولة، وهي القيمة المعنوية عند السودانيين اجمعهم، فإن قرار الخروج منها وما فيه من تكهنات جارية – بتسوية ما، لا بد أنه إتخذ لتقديرات تدركها قيادة الدعم السريع، وهي تتحسب لكل ردات الفعل المحتملة، من جانب آخر!

ومقارنة بمعني قرار الخروج من الخرطوم مقابل القيمة التاريخية والجيوسياسية لها، فإن العاصمة الخرطوم وقد تحولت لمدينة أشباح – في واقع الأمر، فإنها بهذا المفهوم تكون قد فقدت كل هذه الميزات، منذ نزوح الحكومة منها إلى بورتسودان، إلى جانب خسرانها لقيمتها الإقتصادية أيضا، بعد ذلك القصف الجوي الذي طال إنتقائيا كافة مجمعاتها الصناعية والغذائية والدوائية! وبهذا تكون مدينة الخرطوم قد فقدت ميزتها السيادية والإستراتيجية والعسكرية معا، حيث أن وجود قوات عسكرية فيها يعني عند مؤسسة الدعم السريع – في ظل الحرب الدائرة، هو مجرد تجنيب لقوات يمكن استغلالها في عمليات أخري! وأما بالنسبة للجيش وهو يحاول عودة الحكومة إليها، مع احتمالية قصف مواقعها ومقارها بالمدفعية البعيدة المدي والطيران المسير، فان هكذا عودة تعد مغامرة غير مدروسة ومخاطرة أمنية لا معني لها، إن لم تكن مضمونة باتفاق ينهي عمليات القصف المتبادل المحتمل ما بين طرفي الحرب! وتجنبا لهذا السيناريو – القصف المتبادل، المحتمل إطالته لأمد الحرب، فقد جاء الاقتراح (as a gentleman agreement) بضرورة إعلان الدعم السريع حكومة موازية لبورتسودان، علي النموذج الليبي، لطالما أن لا رؤية لإنهاء الحرب، ولا انتصارا حاسما تحقق، يسكت – قريبا، الآلة الحربية عند أي من الطرفين! [مراجعة مقالنا: أما آن للدعم السريع إعلان حكومته الموازية]

واخذا بما ذكر اعلاه، وبرغم المزاعم القائلة بفرضية وجود تسوية غير معلنة، تلزم الدعم السريع بالخروج من الخرطوم، وفي مقابلها يقطع البرهان تواصله مع إيران ويعلن الإخوان تنظيما إرهابيا محظورا في السودان، وبرغم المؤشرات التي تعزز هكذا فرضية – بدءا؛ من عملية ترحيل أسري ضباط الجيش وقيادات جهادية متطرفة من معتقالاتهم بالعاصمة إلى سجون آمنة بدافور، إلي جانب مسالة التقاصر عن الاستجابة لإمداد القوات بعمليات الجزيرة، مقابل أمرها بالإخلاء، حتي دون اشتباكات كبيرة، إضافة لعملية هذا الخروج الآمن من (٣٧) مواقعا عسكريا بالخرطوم وحدها – حتي دون مواجهة مع الطرف الآخر، فإن هكذا تسوية مفترضة تبقي مجرد تكهنات، يدحضها ما جاء نصا علي لسان قائد عام قوات الدعم وهو يخاطب جنوده، باننا لن نترك القصر الجمهوري ولن نخرج من الخرطوم، وسنصل إلي بورتسودان! فالسؤال هنا، هل هذه المخاطبة تأتي علي سبيل المهادنة لتأمين ذلك الخروج الذي تم – بيانا بالعمل، أم أن هذا الخروج هو لأغراض التموضع، الذي فرضته “عملية الغبرال الناعم”، تجويدا لأداء تلك القوات الضخمة المنتشرة، لما يزيد عن عامين بمحليات الخرطوم!

عليه، فإن ما يقطع الشك باليقين، عما إذا كان خروج الدعم السريع من الخرطوم هو استيفاء لترتيب محسوم بهكذا تسوية محتملة، أم انه سيناريو مكتوم لخوض عمليات عسكرية غير مسبوقة، فإن مواصلة خروج هذه القوات المنسحبة من الخرطوم ومعها القوات المنتشرة اصلا بام درمان إلى دارفور وكردفان، أو بقائها في منطقة ام درمان دون مغادرة لها – عملا بخطة التموضعات المطلوبة، هو ما يقطع الشك في ذلك! لكن الراجح بين كل هذه الإحتمالات، هو ان تحكم قوات الدعم السريع، سيطرتها التامة علي منطقة ام درمان – حربا مؤيدة دوليا علي تنظيم الإخوان، وإلا فليرتقب الدعم السريع حال انسحابه ايضا من ام درمان، ما لا يحمد عقباه!

وختاما؛ فإن الركون لأى تسوية تتجاوز العاصمة الوطنية أم درمان – غربا، فهذا معناه مخادعة الطرف الأول لهكذا تسوية يلفظ بها تمويها تنظيم الإخوان، ولكنه في ذات الوقت يحافظ بها علي بقاء دولته العميقة في السلطة، ومحسوبيها المتوعدون علانية، ملاحقة الدعم السريع – فردا فردا، حتي الحدود الغربية والجنوبية للسودان! وهنا للمناسبة، تذكيرا لما تمت التوصية به سابقا مع هكذا تسويات خداعية محتملة، فإنه “مع مكر البرهان، لا يلدغ المؤمن من جحر مرتان”!

٢٨ رمضان ١٤٤٦ه

٢٨ مارس ٢٠٢٥م

#لا_للحرب

#لازم_تقيف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى