مقالات

الجعائل والمرتزقة

بقلم/د. أسامة محمد جمعة داؤد رئيس تحرير موقع مراديس نيوز

الجعائل والمرتزقة

قراءة في التاريخ العربي

بقلم/ د. أسامة محمد جمعة داؤد

مدير تحرير موقع مراديس نيوز

الجعائل جمع جٓعيلة على وزن فعيلة ، والنسب إليها جعليّ ، وقد تجمع عند بعض أهل السودان إلى غير ذلك فيقال ( جعليون) وهذا خطأٌ شائعٌ … ولا يوجد جمعاً لهذه الكلمة على هذا النحو الشائع في السودان في اللغة العربية.

والجعائل: هي ما يجعله القاعد عن القتال من الأجرة لمن يغذو بالإنابة عنه كما تفعل حركات الارتزاق اليوم ، وهو سلوكٌ رفضه فقهاء الإسلام وتصدى له أصحاب أبي حنيفة .

وقد تنامى هذا السلوك في العصرين الأموى والعباسي لاسيما بعد تمرد طائفة الخوارج ، واضطرار أمراء الدولة على فرض القتال على الناس ، مما أدى إلى بروز طائفة كبيرة من المقاتلين المأجورين ،… أطلق عليهم فيما بعد (ذوى الجعائل) لأنهم يعرضون أنفسهم للقتال بدلاً عن المأمورين به مقابل أجرة من المال، وهؤلاء وفقاً لأنسابهم ينحدرون من قبائل عربية شتى لا رابط بينهم غير الارتزاق.

ولا يوجد وصفاً دقيقاً لهؤلاء الجعائل المرتزقة غير سواد البشرة واللجاجة في الطلب ، وكان الخوارج يعيرونهم بضعف الايمان و(القتال دون قضية) وقال إحسان عباس في كتابه (شعر الخوارج):  إن الخوارج لم يكونوا يرون صفة يصفون بها الجعائل أبلغ من وصفهم بالقتال من أجل الدنيا وحطامها.

وقد قال عيسى بن فاتك يصف انتصار 40 فرداً من الخوارج على 1000من الجعائل المرتزقة في آسك :

فلما أصبحوا صلوا وقاموا

إلى الجرد العتاق مسومينا

فلما استجمعوا حملوا عليهم

فظل ذوو الجعائل يقتلونا

أألفاً مؤمنٍ فيما زعمتم

ويهزمهم بآسك أربعونا ؟!

أما الآن فقد (فترت) الجعائل العربية من القتال بالإنابة بعد تاريخ طويل من الارتزاق في الجزيرة العربية مروراً بليبيا والمغرب العربي… وحتى السودان ، واصبحت تستخدم جعائل غير عربية إنابة عنها أمثال: طمبور ومناوي وجبريل وبقية المرتزقة الذين تركوا مرابعهم في دارفور في مهب الريح ، وباعوا أنفسهم من أجل المال ، ووضعوا أياديهم في آذانهم عن سماع الحقيقة ، وكفكفوا ألسنتهم عن قول الحق ، وتوارت أعينهم عن ما يقوم به البرهان من انتهاكات جسيمة ضد أهاليهم في دارفور ٫ وقبضوا أسلحتهم عن نصرة المظلومين والمهمشين وأطلقوها لحماية الجعائل القديمة والمفسدين والإرهابيين في شمال السودان من وشرقه وقدموا أنفسهم رخيصة من أجل المال والنساء والسلطة وما أشبه جعائل الأمس بمرتزقة اليوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى