مقالات

السياسات الثقافية وعلاقتها بالاقليات الحاكمة في السودان

بقلم/ مليح يعقوب حماد

السياسات الثقافية وعلاقتها بالاقليات الحاكمة في السودان

بقلم/ مليح يعقوب حماد

تعتبر الثقافة من ضمن الحقوق الاساسية للمواطن السوداني.مثل حقه الطبيعي في التعليم والتثقيف والتعبير والتفكير وحريته في الراي والابداع والابتكار .وقد عجز العلماء والمفكرين عن ايجاد تعريف محدد للثقافة، نسبة لتداخلها مع الكثير من العلوم والمعارف.ولكنني اكتفي بالتعريف العام ،والذي اشار الي انها تمثل الكل المعقد من الرموز والزكريات والعادات والتقاليد والاديان والمعتقدات والعلوم والمعارف والسلوك والقيم والأخلاق والاداب والفنون والقوانين والمؤسسات و التراث والفلكور والاتصال وغيرها من المحددات الثقافية التي اثبتت جدارتها عبر التاريخ وتعيد انتاج نفسها في كل مرة علي نحو افضل من السابق .تعتبر السياسات الثقافية المطبقة في السودان غير موازية لتركيبة السكان ،لانها ظلت تخضع و في غالب الاحيان لموجهات الطغمة الحاكمة .والتي انحازت ثقافيا لمجتمعاتها . ولقد عاني الشعب السوداني من ويلات التهميش والاضهاد الثقافي والعرقي والديني واللغوي والاقتصادي والسياسي والجغرافي. بفعل سيطرة مجموعات محددة علي مفاصل الدولة و مؤسساتها المدنية والعسكرية والحزبية.حيث عملت ومنذ مطلع الاستقلال علي تغبيش الوعي وتجهيل المواطنين بالالتفاف حول قضاياهم المصيرية.وذلك باستخدامها لسياسات الترقيع والترميز والتضليل وفرق تسد كبديل للتنمية و ادارة التنوع مع تهربها المستمر من دفع الحقوق.وقد سيطرت تلك الاقليات علي الاعلام والصحافة والسلطة والهوية والثقافة .متنافسة في مابينها علي كيفيةحكم السودان ضاربة عرض الحائط بهموم الهامش السوداني العريض.وقد ادخلت البلاد في دوامة جهنمية استحمكت حلقاتها بين سندان العسكر ومطرقة الأحزاب. وقد تسببوا في انفصال الجنوب، مع استمرار الحروب في ماتبقي من ربوع الوطن الحبيب خاصة جنوب كردفان ودارفور والنيل الأزرق ،الي ان جائت الطامة الكبري والمتمثلة في الحرب العبثية التي شنها كيزان الجيش ضد قوات الدعم السريع، كمحاولة يائسة منهم لاقصائها من المشهد العسكري.و قد جائت الرياح بما لايشتهي البلابسة .حيث اكسبت تلك الحرب قوات الدعم شرعية ثورية وسياسية وعسكرية جديدة، تضاف الي وضعها الدستوري القائم قبل نشوب الحرب والمعترف به من قبل الحكومة والدولة والمجتمع الدولي .كما قصمت تلك الحرب من ظهر الجيش والكيزان وكشفت عورات الخلايا النشطة والنائمة لدولة 56 والمندسة في داخل احزاب المركز . وكما اشرنا عبر مقالاتنا السابقة بان هذه الحرب تشكل قضية مصيرية ومرحلة مفصلية من تاريخ الثورة السودانية وسوف يتشكل عليها مستقبل السودان الجديد وتعتبر اخر حرب يخوضها الهامش ضد المركز .وبما ان الثقافة تعتبر ركن اساسي من الصراع الطبقي في السودان. فقد تحولت القوات المسلحة الي مليشيا مسلحة تقتل المواطنين علي اساس العرق والقبيلة والثقافة والهوية وهو ذات العنف الهوياتي الذي كانت تمارسه الدولة ضد الجنوبيين والزقاوة والنوبة والفونج والانقسنا .والمتابع لمفاوضات السلام الجارية في منبري جدة وجنيف يكتشف ان القوات المسلحة هي الطرف الوحيد المعرقل لمسيرة السلام. حيث وصلت لمستوي من الحقد والكراهية دفعها لاستخدام الطيران الحربي كوسيلة لقصف المصانع و المستشفيات والاحياء والكباري والثروة الحيوانية .ونري ان الهجمات الانتقامية التي يشنها طيران الفلول علي الضعين والطويشة والحصاحيصا وغيرها من المناطق الماهولة بالسكان ،مجرد محاولات فاشلة لاثننة الصراع .وبنائا علي ماسبق ،اري انه لابد للمواطنين من العمل علي قطع الطريق أمام الكيزان .ولابد من خروج القوة الشعبية المناهضة للحرب في مظاهرات عارمة وفي مختلف ولايات السودان من اجل المطالبة بانهاء الحرب و تحرير القوات المسلحة من قبضة الارهابيين وعودة النازحين ومرور الاغاثة وتطبيق مشروع السلام العادل ،والذي يرتكز علي الديمقراطية والفدرالية كوسائل لتوزيع السلطة والثروة والوظائف .و لازالة الغبن التاريخي لابد من توافق الجميع حول المشروع الثقافي القومي الجديد بوصفه جزء لا يتجزأ من الاتفاق الدستوري العام.علي ان يراعي فيه تركيبة السكان وحمايةالصور الحضارية للمجتمع المتمثلة في القيم والاديان والعادات والتقاليد والتراث والفلكلور ،ومحاربة الغزو الثقافي الاجنبي، مع ضرورة ان تقف الدولة علي مسافة واحدة من جميع الثقافات. مع العمل علي تكريس الديمقراطية الثقافية والفدرالية الثقافية كاليات لادارة التنوع .ولابد من اقحام قضايا الثقافة والفنون في مشروع العدالة الانتقالية بالتعويص وجبر الضرر وسد الفوارق الثقافية بين الاقاليم والولايات ،وتطبيق التنمية الثقافية المتوازنة .شريطة ان تعمل الدولة علي زيادة ميزانيات الثقافة اسوة ببقية الوزارات الي الحد الذي يسمح بتحويل الثقافة والفنون والتراث والسياحة الي مورد اقتصادي قومي يرفد حزينه الدولة بالعملات المحلية والصعبة. ولابد من ادخال الثقافة والفنون في جميع المراحل التعليمية. علي ان تتحمل وزارات الثقافة والاعلام والتربية والتعليم مسئوليه تثقيف المجتمع ومحو الاالامية وتعليم البدو والرحل والرعاة والمزارعين ،مع ضرورة اعتماد الفقر من ضمن مؤشرات الجهل والتخلف. وسن القوانين والتشريعات التي تدعوا الي المساواة وتجريم العنصرية ومنع التعيين السياسي والجهوي والعاطفي مع ضرورة الغاء نظام التزكية والمعاينات. بانتهاج مبدأ الكفائة والتوزيع العادل للفرص والوظائف و انتهاج مبدأ المواطنة والمساواة بين الجميع في الحقوق والواجبات .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى