الشعاع الساطع
رحيل البيشي
الدروس والعبر
بينما انااطالع حركة الجمهور بمقاطعة الرنك وقع نظري علي النصب التذكاري للراحل د.جون قرنق صاحب رؤية السودان الجديد ورئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان وكنت حينها اتامل بعض الاوراق النقدية لدولة جنوب السودان بمختلف الفئات وعليها صورة الراحل د.جون قرنق !
وكنت قد بدات اتعرف اكثر وأكثر علي الاشياء والاشخاص بالطريقة التي تناسب تقديراتي في المعرفة والاولويات !
ومن بين الصدف كنت قد تعرفت عن بعد علي د.صيدلي مصري صاحب اسلوب سلس وجميل في التواصل كانت نقطة لقاءنا الاولي اسفيريا باستراليا!
ولكن تحقق الحلم بأن تواجهنا وجها لوجه في مدينة الرنك واقام لي مشكورا مؤدبة عشاء حدثت عن كرمه وطيب معشره حضرها بعض من الاخوة الاعزاء من جمهورية مصر!!
وبينما انا أجري حوارا وتحليلات علي النصب التذكاري ودور الراحل د.جون قرنق ومساهمتة الكبيرة في تغيير مسيرة وطن بحجم السودان شهدت معظم فترات حكمه صراعات سياسية ودموية حدثت عن النصف الخفي من المكنونات الداخلية لجينات شعبنا المسكون بالطيبة والدماء معا!!
ومااحداث توريت او مجزرة قصر الضيافة او احداث الضعين وعنبر جودة وكجبار ودارفور وغيرها من الفقاقيع الدموية ببعيد عن الذاكرة!!
هذا الي جانب عدم الاستقرار السياسي فكان ان ادي ذلك الي انفصال دولة جنوب السودان عام ٢٠١١م وبعض المناطق تحدث نفسها بذلك وبينما انا افكر في كل ذلك !
قطع تفكيري احد السودانيين باتصال هاتفي يسألني عن
حقيقة اغتيال المقدم عبدالرحمن البيشي احد قيادات الدعم السريع وأكد لي من روايته انه استوثق من الخبر من عدة جهات!!
قلت له الموت جائز! خصوصا وان البيشي قد حضر الي
ميدان مكشوف تتعدد فيه فرص ان يقع في كمين او ان تصدر اي معلومة عن تواجده في مكان ما …الخ !!
خصوصا وانه اي المقدم البيشي اكثر من عملية الظهور في جميع الاماكن التي وصلها وهذا حسب تحليلي به خطأ تاميني فادح لاي قيادة خصوصا اذا كانت مستهدفة ومطلوبة !
بعدها رجعت الي شبكة التواصل وتتبعت الخبر حتي ايقنت ان المعلومة صحيحة مائة بالمئة!
ولانني اوقن ان الموت سبيل الاولين والآخرين حرصت علي متابعة ردود الأفعال!
فوجدتها مابين الفرح والحزن او العكس مابين الحزن والفرح
ثم انني تابعت منصات التواصل الخاصة بالدعم السريع فوجدتها تتناول القائد بشئ الفخر والحزن والطمأنينة علي مواصله المسيرة وقد واصل الدعم السريع مسيرته برغم كل مايقال عن مصير قائده الرئيسي محمد حمدان دقلو ناهيك عن معاونوه !
اما المنصات الرافضة للدعم السريع وسلوكه ضد المواطنين وتهجيرهم ونهب ممتلكاتهم وان كانوا من غير خصومه الذي يدعيهم فلم تقصر هي الأخري من التعبير العميق عن فرحتها بالخبر حد النشوة !!
غير انني كنت بخلاف التفكير بهذه الطريقة التقليدية!
لان قناعتي المستقرة عندي ان اقرأ اسباب الصراع من بدايتها وان اتأمل محطاتها مابين الواقع والمستقبل !
ويدعم كل ذلك مشاركتي في احداث الوطن بصورة من الصور عبر عدة نوافذ وطرق!
وادعم كل ذلك بمعرفتي الشخصية بالراحل المقدم عبدالرحمن البيشي منذ وقت بعيد وكيف انه كان يعيش حياته بمدينة بوط ثم تساكننا عن قرب وبمكان واحد!
وبلا شك شكل انضمامه للدعم السريع وبروزه في المشهد كشخصية مقربة من قائد الدعم السريع قبل اندلاع الحرب مابين الدعم السريع والجيش وبالكاد اطراف اخري رعت واشرفت علي حالة الحب والغرام الكاثوليكي مابين الطرفين فبل اعلان حالة الطلاق والذي لاندري ان كان ابديا او رجعيا!
هذا الي جانب علمي ورصدي كيف تشكل موقف الصراع بين الطرفين الجيش والدعم السريع مع شئ من تنبؤات المستقبل !
حري بالقول انني لا اعتبر نفسي من عينة من ينحازوا للاشياء بالعاطفة والتقديرات الشخصية!
واقول حقا انني تضررت من الطرفين بالمقدار الذي يجعلني اعبر ان الطرفين غلطانين علي الشعب وعلينا ولان حق الشعب والحق الخاص لايسقطان بالتقادم من المؤتمر الوطني باعتباره الراعي الرسمي للازمة السودانية بالتقادم وقد فشلت كل محاولات الحلول الهادئة والقانونية حتي بلغ الامر مستوي الانتفاضة الشعبية كاقوي سلاح رفض !!
وربما لا يختلف قراري وقرارات اخرون من مايحدث الان من قرار ضابط المرور السعودي عندما حادثه احد جنوده وقال له في منتصف الليل حيث يجد نفسه وراحته لقد حدث الان حادث كبير فقال الضابط غلطان (الاجنبي) !!
فقال الجندي ياسعادتك الاثنين اجانب فقال له غلطان (السوداني) قال له ياسعادتك الاثنين (سودانيين )فرد عليه لينهي المكالمة وينام الاثنين غلطانين!
فالاشتراك الجنائي احيانا يخفف الحكم علي احد الاطراف واحيانا يصدر احكام متطابقة علي الجناة!!
عليه يجب ان تكون الفرحة بمقدار الابتسامة الخجولة وأن يكون الحزن بمقدار احتقان الدموع لان الخاسر الأكبر الآن السودان وشعب السودان وكما يقولون الشيطان في التفاصيل!
ان الذين يطرحون ويعددون جرائم الدعم السريع وأن عظمت يجب أن يحتفظوا بذاكرة عن الخطأ في عملية صناعة الدعم السريع وفكرة التكوين التي كانت تخطط للاحتكارية المطلقة فانقلب السحر علي الساحر !
فإن عجزوا عن اعادة الأمور لاصلها فلنا رأي وأن افلحوا فلنا رأي!!
وحتي لايصبح حالنا حال من يأكل الراس ويعاف العيون!
يجب علينا النظر الي النصفين من الكوب الفارغ والمملؤ وذلك يجعلنا نقيس الأمور بالعقل!
ونقول ان كان موت الراحل د.قرنق وهو المشحون بالوحدة علي اسس جديدة قد انبت اشخاص جدد يؤمنون بالانفصال ووجدوا من يمهد لهم الطريق غير ان هذا الخيار احدث وخلف لنا جانب اخر من الصراع هو اشتعال دارفور وبروز اسماء ومسميات كثيرة الي جانب ترديد دعاوي الانفصال !
وهذا يعني وبالتاكيد ان رحيل اي فرد له راي اوفعل يجب ان يقرأ بعمق وليس بسطحية وما افشل دولتنا واقعدها الا التفكير بطرق انطباعية وسطحية !
وكثيرون لهم اعتراضات ورؤي ولكنهم يختلفون في ادوات الحسم والتعبير !!
وأن اثبتت التجارب ان عقلية الدولة السودانية لاتستجيب الا للحلول عن طريق القوة والمواجهة المسلحة فصعد بهذا السلوك من صعد والساقية لسه مدورة!!
ان الحرب الدائرة الان قد خلفت العديد من الأسئلة الحائرة والمعلقة ويقيني ان مابعد الحرب ستنشأ موازين جديدة وافكار صائبة تمنع وتقطع الطريق لكل وسائل الاستكرات والاستهبال وتصحح بكل حزم جوانب الغفلة وسترمي بغمامة العابثين بعيدا عن ارض الفعل وأن انتابهم الان شئ من الاطمئنان الوهمي!
فإن لم تحدث مراجعات عميقة لاخطاء التسلط والانتهازية فمعني ذلك يجب ان نردد نحنا في بداية طريقنا ليه تقول لي انتهيت!!وهذا هو الدرس المستفاد !!
والمجد والخلود للشعب السوداني والمجد والخلود لدعاة التغيير الايجابي في هذا الوطن منذ توريت ١٩٥٥م وحتي اخر قطرة دم سقطت من شهيد اوجريح.
ودام السودان حرا مسقلا لامستغلا !!
عمر الطيب أبوروف
٢١يوليو٢٠٢٤م