الشهيد اللواء علي يعقوب .. إن البكاء على الفوارس عار
إبراهيم مطر
لا تحفروا لي قبراً
سأرقد في كل شبر من الأرض
أرقد كالماء في جسد النيل
أرقد كالشمس فوق حقول بلادي
مثلي أنا ليس يسكن قبرا
الفيتوري
ترجل اليوم الجمعة فارساً من فرسان بلادي، وبطلاً من أبطال قوات الدعم السريع، شهدت له المساجد بالتقوى، وميادين القتال بالبطولة، وجهود إصلاح ذات البين بين الفرقاء من بني جلدته بالنفع والصلاح، والتي كان آخرها هندسة الصلح بين قبيلتي البني هلبة والسلامات، فنجح في وصل ما انقطع بينهما من أواصر، ورحل تصحبه الدعوات الصالحات، والسيرة العطرة، وسماحة المعشر في المنشط والمكره.
عرفته سوح المعارك في دارفور كبطل تحرير مدينة “زالنجي”، وتطهيرها من دنس الحركة المسيلمية وإخوان الشياطين، وإعادة الحياة الطبيعية لها أمناً بعد خوف، واستقراراً بعد فرار ونزوح سببه الخونة، ممن لم يمنحوا شعبهم طوال سنوات ما بعد الاستعمار سوى البراميل المتفجرة، والفتن القبلية التي صارت ماركة مسجلة باسم استخبارات الجيش ولا عجب، فكل يمنح مما يملك، وفاقد الشيء لا يعطيه.
جاء علي يعقوب كفارس على ظهر جواد ليظهر أنه من طينة الكبار، فكان عظيماً حين قاتل عن حق، وعظيماً حين سعى لجمع من تفرقت بهم الدروب، ودخلوا في متاهات النزاعات القبلية المصنوعة. لم يداهن، ولم يتلون، ولم ينشغل باختباء أصحاب الأوسمة والنياشين من القادة الكذبة في بدروم القيادة العامة، واكتفائهم بإطلاق الشتائم والنعوت، ممن قال فيهم المتنبئ (مرحى بمن يتحصن بالأبواب .. ويقاتل بالسباب)، بل مضى لغايته المقدسة في تحرير الهامش والشعب السوداني في ثبات غير هياب ولا وجل.
قال ضاحكاً ذات مرة:(أنا كعب رجلي مافي راجل بشوفنا)، فحرم على نفسه التراجع ولو تحرفاً لقتال أو تحيزاً إلى فئة، حتى التحق برفاقه من لدن “عبد المنعم شيريا” وصحبه، أولئك الغر الميامين، الذين خلدوا أسمائهم في كتب التاريخ، ومضوا تصبحهم المحبة والرضوان.
عندما ذهب عدد من قادة الدعم السريع لتعزية والدة الشهيد “شيريا” في فقدها الجلل، هالهم صبرها وثباتها وفخرها بمن أنجبت. سألتهم (واللا شيريا رجع ورا؟) قالوا لها حاشا وكلا فقالت (ها خلاص أبشروا).
إن سيرة الشهيد علي يعقوب ورفاقه من شهداء أبطال الدعم السريع ومنذ اندلاع حرب أبريل الغادرة، تبين لكل ذو بصيرة أن السودان لن يعود إلى ما قبل الخامس عشر من أبريل طالما هؤلاء هم حراس مسيرته، إيماناً بعدالة القضية، وبذلاً للغالي والنفيس في سبيل تحقيق حلم السودانيين بالخلاص من نظام الدجل والشعوذة الكذوب، وجنرالات الغفلة.
قال أحدهم في تسجيل صوتي مسرب حديثاً وأقره عليه محدثه، أن العسكري إذا جاع سيبيع حتى سلاحه، مؤكداً إن هذا من المسلمات!! فكيف ينتصر جنرالات الرشاوي وبيع الذمم والسلاح هؤلاء، على أمثال اللواء علي يعقوب الذي عاش ساطعاً كنصل وطاهراً كوضوء، تضيء سيرته الظلمات والدروب نحو سودان الحرية والعدالة والمساواة.
المجد والخلود للشهيد البطل اللواء علي يعقوب ولكافة شهداء ديسمبر التي صنع لها الدعم السريع أنياباً ومخالب، تحفر بها طريقها ولو كره جيش الحركة الإسلامية الخاسئ وغلمان الكتائب المأجورة، والتي تحاول عبثاً إعادة عقارب الساعة للوراء.