الأخبار

تسويق بضاعة الفتن في خطاب ياسر العطا (النتن)

بقلم/ د. جودات الشريف حامد الخبير بالمركز الافريقي الديمقراطية و التنمية

تسويق بضاعة الفتن في خطاب ياسر العطا (النتن)

بقلم/ د. جودات الشريف حامد

الخبير بالمركز الافريقي الديمقراطية و التنمية

المتابع الحصيف لخطابات ياسر العطا منذ هروبه الفاضح من سلاح المهندسين قبل أربعة أشهر تقريباً يلحظ أن هذا المدعو “كاسات” يعاني أزمتين متلازمتين إثنين، أزمة بيع الوهم في سوق وعي الشعب السوداني بخدعة مناصرة الجيش و فرية قوميته، و أزمة محتوي و مضمون الوهم المباع خصيصاً في سوق البؤساء من الفلول و “الفلنقايات”، من الأخسرين أعمالاً.*

*ياسر العطا تحدث في فعالية مشهودة و مبذولة علي وسائط التواصل الاجتماعي قبل يومين بما يفيد في معناه أن عرب غرب السودان ممثلين في الدعم السريع قد طلبوا منهم كعرب الشمال و الوسط و الشرق أن يتفقوا معهم..( يقصد طبعاً الاتفاق ضد بقية الإثنيات الأخري التي يغازلها و يستعطفها العطا في خطابه) ، و عندما لم يحدث ذلك حسب زعمه تعالت الأصوات الداعية إلي إقامة دولة العطاوة و الجنيديين. إذا تعاملنا مع حديث العطا افتراضاً بأنه الرجل الثالث في تراتيبية قيادة الجيش و هو موقع قيادي إطلاق الخطب من بوابته يقتضي ضبط إجرائي للكلام بما يؤكد صحته و يتطلب مصداقية تبرر التصريح به أمام الشعب السوداني، فإستناداً إلي ذلك و لخطورة ما أدلي به العطا فهو مطالب أن يبرهن لأهل السودان ما ذهب اليه، مثل هذا الحديث الخطير بكل تأكيد لن يُقال في الهواء الطلق بلا محاضر و ضوابط و شهود و أسانيد مرجعية و إلا أصبح ( كلام لا يعتد به لعدم الاعتداد بعقلية قائله)، فنطالب العطا بتقديم دليل عما ذهب إليه يقدمه للشعب السوداني و إلا نعتبر تصريحاته كذبة من أكاذيب الفلول و مؤامراتهم ضد وحدة و لحمة المجتمع السوداني.*

*لم أكن من المندهشين بكلام ياسر العطا فقد استدعي إلي ذاكرتي مقولة الامام علي(تكلموا تُعرفوا،فإن المرء مخبوءٌ تحت لسانه)..ف ياسر العطا يتحدث عن أمنياته المخبؤة في عقله الباطني فهو يُمنِّي نفسه أن يتفق معه عرب غرب السودان ضد الآخرين الذين يغازلهم الآن ، ما يمكن تأكيده هنا أن الشعب السوداني علي وعي و دراية أن هؤلاء الجنرالات المؤدلجين هم من خطط و أجهض المسار الانتقالي لثورة ديسمبر ائتماراً بتوجيهات علي كرتي و قد استخدموا كل أدوات الخسة و الدناءة و المكر البائس لعودة النظام المباد بأمر ثورة ديسمبر إلي سدة الحكم و مؤسسات الدولة المدنية و خير دليل علي قولنا هذا هو عودة الآلاف من أنصار المؤتمر الوطني إلي مواعين الدولة و الحكومة بعد انقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١م، فالشعب السوداني علي وعي عميق و كامل بمؤامرات العطا و فلوله علي مصائر الثورة منذ أيامها الأولي و ليس في حاجة لتغبيش الواقع و تزييف حقائقه من ياسر العطا الذي حاول في حديثه الأخير خلق اصطفاف جهوي و جغرافي بين عرب غرب السودان و عرب الشمال و الوسط و الغرب، و هو فرز خبيث و ماكر لم تقره أو تعرفه أو تعايشه خرائط الواقع الاجتماعي لأهل السودان بهذه الطريقة الحادة التي جاءت علي لسان ياسر العطا،و لأن (كلُّ إناءٍ بما فيه ينضح) فمن أين يأتي العطاء بإناء وطني قومي يسع أهل السودان جميعاً و يستوعب تنوعهم بعيداً عن هذا تقسيماته النكدة التي تمثل أمنياته و أمنيات أسياده الفلول ، الذين يصرون علي العودة إلي سدة الحكم حتي و لو كان ثمن ذلك تقسيم المجتمع السوداني كله إلي فسيفساء قبلية متناحرة و متقاتلة أهلياً، و هي نظرية تفكير و سلوك فلولية حصرية قائمة علي سياسة (فرق تسد)،* *و قد ظلوا علي مدار سنوات حكمهم العجاف يثبتون ركائز حكمهم و تعزيز أوتاد سلطانهم معتمدين علي إشعال الفتن القبلية و الإثنية عبر ما يسمي بشعبة (أمن القبائل) بجهاز الأمن و المخابرات الكيزاني فالبقاء و الوجود عندهم مرتبك بإثارة الفتن و تسويق الخطاب الجهوي النتن،و لكن ما يبعث علي الطمأنينة هو المراهنة علي إتساع دائرة الوعي و الإدراك لدي أهل السودان بخبث و مكر هؤلاء الفلول و قد إتسع الوعي الجمعي للسودانيين بما يكفي لوأد و إجهاض أي محاولة لتمرير أجندات الفتن و إذكاء عوامل الكراهية المجتمعية التي يراهن عليها ياسر العطا في خطاباته من أجل خلق اصطفاف قبلي و مناطقي لدعم حربه وحرب أسياده الفلول مستغلين في ذلك مظلة الجيش السوداني المغلوب علي أمره.*

*أيضاً من مبدأ الشئ بالشئ يزكر، نجد أنه في مقابل الخطاب الذي يطرحه ياسر العطا و من خلفه الفلول ،منذ بداية حرب ١٥ أبريل التي اتخذوا هم قرار إشعالها تآمراً و غدراً ضد قوات الدعم السريع،* *و محاصرة معسكراته و مقار مجموعاته نجد أن الخطاب الإعلامي لقادة قوات الدعم السريع فيه من الاتزان و الدقة و التناغم مع مقتضيات عدالة قضيتهم و قومية طرحهم ما لا يمكن تنكره إلا عين مكابر(فلنقاي) أو بلبوسي(نقس), فالدعم السريع منذ الساعات الأولي للحرب تحدث عن أن هذه الحرب قد فُرضت عليه فخاضها مكرهاً لا طائعاً،و بهذا فهي بالنسبة له هي حرب الدفاع عن النفس و هي حرب مبررة أخلاقياً و عادلة بكل مقايسات العدالة الناظمة و الضابطة،و قد جعل الله للدعم السريع من إكراميات النصر ما لم يكن في حسبان أكثر قادته تفاؤلاً،فقد خاص أكثر من ١٨٠ معركة*(men to men ) *فأنتصر فيها جميعها و لكن لم يصبه الغرور فظل رغم نياشين الإنتصارات الكبري التي حققها يدعو إلي ضرورة أن تقف هذه الحرب ، ليست دعوة عن ضعف و لكن الإحساس بمعاناة الشعب السوداني كانت دائماً حاضرة في تفكير قيادته العليا و أعضائه في وفد التفاوض، فبعد شهر و نيف من بداية الحرب تجاوز الدعم السريع مسألة الدفاع عن قواته و عن كيانه المعنوي و عن قياداته، فأصبح من أوليات هموم قيادته و مشاغلها هو الهم الوطني العام، ففي هذا الصدد طرحت قوات الدعم السريع ورقة من عشرة مبادئ عامة تمثل مرتكزات و مبادئ و خارطة طريق للحل الشامل للأزمة السودانية و تأسيس الدولة السودانية الجديدة.،كما أصدر السيد القائد الفريق أول محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع في يوليو الماضي قراراً بتشكيل لجنة اتصال مع القوي السياسية لحل الأزمة السودانية و قد أتي ذلك إلتزاماً من الدعم السريع بمبدأ الحوار كضرورة أساسية للتوصل لحل سياسي شامل.*

*كذلك ظل السيد قائد قوات الدعم السريع منذ جولته الخارجية في ديسمبر الماضي و حتي الان يؤكد علي ترحيبه بأي جهد إقليمي أو دولي لإيقاف الحرب و العودة للمسار المدني الديمقراطي المُفضي حقاً إلي حل الأزمة السودانية حلاً جذرياً يّمكِن من التأسيس لدولة سودانية جديدة،و في هذا السياق و في خطابه لقبول دعوة منظمة الايغاد له لحضور قمتها رقم ٤٢ في عنتبي الأوغندية قال السيد القائد حميدتي نصاً ( إتساقاً مع موقفنا الثابث و الداعم للحل السلمي الشامل، الذي يُنهي مرة واحدة و للأبد الحروب في السودان، و حرب ١٥ أبريل خاصة، فإني إذ أكدتُ علي قبولي دعوة الحضور و المشاركة في قمة إيغاد رقم ٤٢ بأوغندا).فإن كان هذه قيض من فيض الخطاب الاعلامي لقيادة قوات الدعم السريع منذ بداية هذه الحرب و هو خطاب متوازن و ثابت في مضمونه و محتواه و قومي بامتياز في قضاياه ..فمن حقنا أن نطرح سؤالاً الإجابة عليه متروكة لكل سوداني ذو بصر و بصيرة للإجابة عليه ألا و هو.. أين طرح البرهان و كباشي و العطا و ابراهيم و آمرهم علي كرتي لحل الأزمة السودانية حلاً جذرياً لا يدعُ مجالاً أو مسوغاً لحرب أخري في المستقبل؟.*

*يمكننا في خواتيم مقالنا هذا أن نؤكد أنما سردناه من جهد مقدر وحراك صادق و عمل مخلص قامت به قامت به مؤسسة الدعم السريع تجاه الأزمة الوطنية و الشأن العام السوداني يدحض إفك و أكاذيب ياسر العطا الأخيرة،فالدعم السريع ما زال يقدم صحائف طرحه القومي للمعالجة الجذرية للأزمة الوطنية بأبعادها و تجسداتها المختلفة.*

*إيماناً من قيادته بأن بناء دولة حقيقية أولي (مداميكه) الاتفاق علي مسارها المدني ( حرية،عدالة،كرامة آدمية،و ديمقراطية), فدعونا نتفق كسودانيين علي وحدة الوطن و ممسكات بقائه في إطار تعددنا و تنوعنا و من خلال تعزيز عوامل السلم الأهلي و تعضيد و دعم بناء مجتمع مدني فاعل و دولة مدنية متوازنة و عادلة و قادرة و سيدة. دعونا نلتقي علي هذه المشتركات الوطنية لنهزم بها أطروحات عقلية و ذهنية ياسر العطا التي لا تمثل سوي هوامش افكار فلولية سامة أغرقت و ستغرق أصحابها الباغين في شبر من مياه الفتن الآسنة.*

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى