مقالات

رُجْحَان كفة قوات الدعم السريع سياسياً ودبلومسياً وعسكرياً في صراعها مع الجيش و الفلول

د. جودات الشريف حامد. الخبير بالمركز السوداني للدراسات الاستراتيجية والفيدرالية

في13يناير الجاري أصدرت وزارة خارجية بورتسودان بياناً اتهمت فيه الهيئة الحكومية الجاري الدولية للتنمية ( إيغاد) بأنها “أداة للتآمر علي السودان و شعبه” و ذلك احتجاجاً علي دعوة الإيغاد لقائد قوات الدعم السريع، الفريق أول محمد حمدان دقلو، لحضور القمة هيئة إيغاد المزمع عقدها بمدينة عنتبي الأوغندية في يوم الخميس ١٨ يناير الجاري،إن محتوي و مضمون ما جاء في بيان وزارة خارجية الفلول حمل من التهديد و الوعيد ما كان كفيلاً بحرق مراكب العلاقات الدبلوماسية مع منظومة دول الإيغاد التي تمثل المحور الأهم والأقوي في التكتلات الداخلية في القارة الافريقية.

لم يكن هذا هو البيان الأول من نوعه الذي يحمل عداءً مقصوداً وتهكماً غير مبرر لدول أفريقية داعمة وساعية لإيقاف حرب ١٥ ابريل و مدركة لِما يعانيه الشعب السوداني من أوضاع بالغة المأساوية، فقد سبقت هذا البيان كثيراً من المواقف العدائية و البيانات غير المتأدبة و المسيئة دبلوماسياً لعدد من الدول الصديقة و الشقيقة،بالإضافة إلي الملاسنات الخشنة والتصريحات غير اللائقة من قبل عدد من منسوبي الوزارة (المتكوزنين ) و آخرين عسكريين حمقي سرقوا منبر و لسان الوزارة لافتعال معارك خارج اختصاصهم المهني، فدهوروا بذلك و خرّبوا علاقات السودان الراسخة مع محيطه الإقليمي و الدولي.

إن هذه السلوكيات العدائية و البيانات الترهيبية من قبل وزارة خارجية الكيزان لم تراعِ النظم الدبلوماسية المرعية، و التي يُفترض أن تكون مسؤوليتها المبدئية إقامة و تطوير و تعزيز علاقات السودان الخارجية بما يحمي المصالح و يجلب المنافع و لكنها للأسف عملت علي الإضرار بمصالح الشعب السوداني، غير المضار العامة التي لحقت بسمعة السودان بسبب ترجيحات المصالح الذاتية الأيدلوجية التي تخص الفلول و تنظيمهم،. هذا ما يشير بقاطع الأدلة و ثابت البراهين أن هذه الوزارة مختطفة و ( مشفشفة) في وضعها الاعتباري و هيكلها التنظيمي و كادرها الإداري و عقل تفكيرها الدبلوماسي من قِبل هذا التنظيم الفلولي الارهابي، إذن فلا غرو أو غرابة أن نري رأي العين تحول الوزارة و كامل بعثاتها الخارجية إلي غرف تعبئة سياسية و مقار تحشيد عسكري و حراك دبلوماسي حزبي فلولي و بموجهات أيدلوجية غير خافية على أحد لقطع الطريق أمام المبادرات الوطنية ( إعلان أديس أبابا) و الوساطات الإقليمية و الدولية الداعمة لوقف الحرب ،(منبر جدة، الاتحاد الافريقي و الإيغاد). إن التذبذب في المواقف الدبلوماسية و التأرجح المخل في الالتزامات بالمواثيق و المعاهدات الإقليمية و الدولية، و التحولات الدراماتيكية في تحديد وجهة السياسات الخارجية المتوازنه مع الدول و الالتباس المُربك في أجندات حل أزمة الحرب الدائرة، مجمل هذه السياسات العرجاء و ما صاحبها من ممارسات عملية خرقاء، عطفاً علي تناقض المواقف الرسمية و غموضها، قد خلق رأياً محلياً و إقليمياً و دولياً بدأ في التشكُل و التمظهر علي الواقع من خلال شرعنة و إقرار المجتمع الدولي بثنائية التمثيل و اعتماد ندية التعامل السياسي و الدبلوماسي والعسكري بين البرهان كقائدالجيش و الفريق أول محد حمدان دقلو كقائد لقوات الدعم السريع مع ميزة نسبية لا تغفلها عين المتابع الحصيف تتعلق بتفوق قوات الدعم السريع قتالياً في مسارح العمليات يُحسب لها، و قد بدأ ذلك جلياً و واضحاً فيما تمت الإشارة إليه في هذا المنحيٰ من خلال الإستقبالات الرسمية التي وجدها قائد قوات الدعم السريع في جولته الافريقية التي أُستُقبِلَ فيها رسمياً بمستوى و معايير حفاوة استقبال الرؤساء و (بروتوكولية) زيارات القادة الزعماء. إن ما يحكم العلاقات الخارجية و يرسم مسار السياسات الدولية في عالم اليوم هو ما أُصطُلِحَ علي تسميته و وسمه بالواقعية السحرية في التعاطي السياسي و الدبلوماسي و أحياناً العسكري كما في الحالة السودانية، التي تسمح بإسماع صوت الآخر الذي لم تٌتحْ له لظرفٍ ما فرصة إبداء رأيه و إيصاله للآخرين الشركاء في قضيةٍ عامة و شاغلة للرأي العام الإقليمي و العالمي، هذا المدخل المنهجي التكتيكي الجديد المعتمد عالمياً في تجسير العلاقات الدبلوماسية و تأطير الإتصالات السياسية و أحياناً مقاربات إعتبارات القوي قد ساهم كثيراً في إبراز و رُجحان كفة الرؤية السياسية و الدبلوماسية و العسكرية لقوات الدعم السريع و تراجع حُجية الجيش و إضعاف منطق دفوعات زارة خارجية فلوله، الأمر الذي ربما ينتج عنه في مدى زمني غير بعيد،واقعاً جديداً يتجاوز البرهان و فلوله في إعطائهم حق الندية الثنائية مع الدعم السريع في حل الأزمة العسكرية و السياسية في السودان من قِبل المجتمع العالمي، إذا ما ظلوا يتجاهلون نصائح الناصحين لهم و يثيرون ما يُقلق المحيطين الإقليمي و الدولي من تصرفاتهم الإرهابية و ممارساتهم العدائية غير المسئولة الباعثة و المعززة لمهددات الأمن و السلم و الطمأنينة الإنسانية، علي المستوي المحلي،و الإقليمي،و العالمي.*

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى