الأخبار

أبو محمد : التسليح الإثني في الشمال و الحشد العشائري في الغرب

مراديس نيوز

الفلول دايرنها حرب أهلية

لا يتوانى مشعلو الحرب من مجرمي النظام الذي أُبيد جزئياً في أبريل 2019م، لا يتوانون في تحقيق مقصدهم بالعودة إلى السلطة، و لا يتوانون أبداً في تطوير حربهم الحالية مع قوات الدعم السريع إلى حربٍ أهلية طاحنة بين مكونات و مناطق و جهات السودان المختلفة. في ظنهم أنّ الحرب الأهلية ستخلط الأوراق بما يمكنهم من السيطرة على السلطة، بحسابات أنهم الأكثر تنظيماً و جاهزيةً و موارداً للهيمنة على الأوضاع الهشة و على الفوضى الكبيرة التي تنتج عن حربٍ أهليةٍ في مجتمع قبلي و عشائري متباين، مثل المجتمع السوداني. و قد قال قائدهم قبل الحرب الحالية، أنّ الأمور ” بِتلِف و بترجع لينا”.

و لما لم تنجحْ *الحرب التقليدية* الخاطفة التي خططوا لها في تحقيق المقصد، إنتقلوا مباشرةً للإستعداد و الدخول في *الحرب الأهلية*، عساها و لعلها تأتي لهم بالقتل الضروري و الفوضى اللازمة لتنتهي معها حالة الدولة و المجتمع المتماسك، و تخلق ظروف سيئة و بيئة تعيسة تمكِّن التنظيم الشيطاني المتعطش للسلطة من التحكُّم مجدداً على مفاصل السودان و تمديد وجوده، بالرؤية القميئة ذاتها التي قادت – بعد خمسة و ثلاثين عاماً – إلى هذه المآلات البائسة الآن.

ينشط الجيش المختطَف و معه قيادات التنظيم الإرهابي حالياً في تسليح المواطنين في شمال السودان، بمسمى المقاومة الشعبية، و هي في واقع الأمر تحضير إثني للحرب الأهلية القادمة، و قد تمكنوا من إقناع بعض الناس بأنّ التسليح يتم بغرض الدفاع عن النفس، و هي حجةٌ إستغلتْ الحالةَ النفسية للجميع، حسب أوضاع الحرب الدائرة و تخوُّف الناس و تحرُّكهم بغريزة البقاء. إلا أنّ المراقب و المتابع عن كثب للشأن السوداني يدركُ أنّ الأمرَ ليس بغرض الدفاع عن النفس، لَطالما صبغوه بهذه الصفة الحميدة، و إلا لماذا لم يُسلَّحْ المواطن في نيالا التي تقصفها طائرات الجيش و التنظيم نفسه و تقتل المواطنين هناك؟ لماذا لا يتم تسليح المواطنين في الفاشر و بابنوسة و الأبيض و النهود و مدني و الخرطوم ، على سبيل المثال أسوةً بمواطني شندي و عطبرة و مروي، طالما كان الغرض هو دفاع المواطنين عن أنفسهم؟ لماذا تمييز ولايتي نهر النيل و الشمالية بهذا التسليح دون غيرهما؟ و حتى في هاتين الولايتين، فإنّ التسليح لا يشملُ كل المواطنين، و إنما هناك إنتقاء لبعضهم للتسليح، وفق معايير إثنية و مناطقية. علماً بأنّ قوات الدعم السريع لم تسلّحْ مَن عُرفوا بالحواضن، و هي حتى الآن تتصرفُ بإحترافية كقوات قومية ، و لا يدري أحدٌ متى تضطر إلى التخلي عن هذا الإلتزام المهني في ظل تعنُّد الطرف الآخر و تسريعه الخطى نحو الإنفجار الكبير.

إنْ كان الأمر إستعداداً لحرب أهلية يشعلها دعاةُ الحرب في مقدم الأيام، فليعلموا أنّ حواضنَ الطرف الآخر و مساندوه و جماهيره لن تظل مكتوفة الأيدي و لن تُؤخذ على حين غِرة. فالقبائل و المكونات الإجتماعية و السُكان المستهدفين بهذه الحرب الأهلية أينما كانت، ستحتشدُ هي الأخرى و تتسلّح للدفاع عن النفس و الوجود.

ما لم تُراعَى الحكمةُ و المسؤوليةُ ، فإنّ التحشيدَ و السلاحَ لن يكون قاصراً على الجيش و مستنفريه و خاطفيه من التنظيم الإرهابي و مقاومته الإثنية، بل أنّ الجميع سيستعد بالجاهزية اللازمة للدفاع عن النفس و بذات المنطق الذي يتحججون به.

لن يهدأ لدعاةِ الحرب بالٌ حتى ينخرط السودان في حربٍ أهليةٍ، ستكون الأشرس و الأشمل و الأكثر تأثيراً و

الأعلى كلفةً على مدى التأريخ. إنْ كانت مهمةُ إيقاف حرب بين جيشين منظمين يأتمران بقيادة عسكرية، تُواجَه بصعوبات بالغة، فإنّ مهمةَ إيقاف حرب أهلية متعددة الجبهات و اللوردات ستكون عسيرةٌ إنْ لم تكن مستحيلة.

عندما ينتهي الأخضر و اليابس في السودان على نحوِ ما نتنبأ به، فيما لو إنفجرت الحرب الأهلية ، فلن يجد دعاةُ الحرب ما يرجع لهم من سلطة و لا مَن يرجع إليهم ليحكموه.

اللهم إني قد بلغتُ فأشهد سبحانك.

*و لا نزال ندعو للتفاوض قبل فوات الأوان*.

ابو محمد

14 يناير 2024م

الخرطوم

# *جنبوا المجتمع الحرب الأهلية*

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى