الانحطاط اللغوي في خطاب البرهان.. منذ هروبه من البدروم حتى كلامه المذموم بقلم: د. جودات الشريف حامد الخبير بالمركز السوداني للدراسات الاستراتيجية والفيدرالية
مراديس نيوز
للمفكر الأمريكي فرانسيس فوكاياما صاحب أطروحة “نهاية التاريخ”، كتاب آخر تحت عنوان ( الانحطاط السياسي) لغةً و سلوكاً و قد بيّن الكاتب فيه أن هنالك موقفان يحدث من خلالهما هذا الانحطاط السياسي، الموقف الأول فشل أي قائد في التكيف مع المستجدات المتسارعة حول مساحات تحركه وممارسة سلطاته ،الأمر الذي يجعله في حالة من التضاغط النفساني والاختلال الذهناني، مما ينتج عنه إطلاق الكلام الشوارعي (العاير) على عواهنه بلا قيد لحياء اللسان أو ضابط لفاحش الكلام ، وبإسقاط ذلك الموقف على بذاءة خطاب البرهان وانحطاطه اللفظي أمس والذي سمعنا عباراته السفيه، القبيحة، نجد أن ذلك يعود إلى الإحساس بالفشل الكبير بشأن اعتقاده المتوهم بأن ما تمتلكه مؤسسة الجيش من “إمكانيات” آلات عسكرية وموارد مادية هو أفضل مما عند الدعم السريع من آليات قتالية كانوا يرونها متواضعة يُستحال معها تحقيق نصر مادي ملموس في ساحة المعركة ضد الجيش، إذا ما قايسنا كل ذلك بمعيار وفرة أسباب القوي المادية التي كان يمتلكها هذا الجيش في صراعه العسكري مع الدعم السريع.لكن كما قالها القائد الفريق أول محمد حمدان دقلو قبل أيام في مؤتمره الصحفي مع د. حمدوك باديس أبابا،*
*أن البرهان و بطانته سيئة السمعة التي أوقدت الحرب بأنهم قد حسبوا لكل شئ حسابه بدقة واحترافية مهنية عالية لكنهم استبعدوا معها حسابات الهزيمة احتمالاً** *ونسوا أن يحسبوا إرادة الله ومشيئته وقدرته أن يهب لمن يشاء النصر والعزة وكرامة التاريخ و يهب لمن يشاء الخذلان والمهانة والإذلال ،كذلك أن للبرهان اعتقاد آخر مفاده أن الفاعلين السياسيين من الإسلاميين ومشايعيهم (ناس شفوت)* *لديهم من الإمكانيات الفكرية و السياسية وسمات الشجاعة والإقدام والقابلية للتضحية والموت في سبيل ما تعبر عنه هتافات حلاقيمهم الكذوبة ما يجعل الانتصار علي الدعم السريع أمراً ممكناً وحتمي النهايات لا محالة، إلا أن الواقع قد فضحهم وكشفهم أمام الكل أنهم “بياعين” كلام فحسب، فحدث ما حدث كما قال أحد ديناصوراتهم العسكرية من قبل، وكما هو معايش ومشاهد على الأرض، لقد استطاع الدعم السريع و لله الحمد والمِنة ( جغم) كل متحركاتهم وهزيمتهم شر هزيمة في كافة مسارح القتال*.
*أما الموقف الثاني الباعث على انحطاط وتفاهة خطاب البرهان و لغو حديثه (الماسخ) يتمثل في التصور النمطي المتعالي لديه والذهنية المتكلسة لدي من يناصرونه في معركته الخاسرة بأنهم أسياد البلد ووارثيها، يديرونها بمزاجهم ويوزعون فرص المنافع العامة والخاصة فيها كما يريدون ويرغبون و على الآخرين السمع والطاعة، فالحقيقة الماثلة انه وجماعته يتحركون ويغردون خارج سرب الواقع معتمدين على تصور هلامي ووهمي بأنهم هم أصحاب الرصة والمنصة في هذه البلاد، إلا أن هذا التنميط قد تبخر بين أدخنة فوهات بنادق الأشاوس، وتلاشي بهروب البرهان نفسه وكباشي و ياسر العطا من ميدان المعركة إلى بورتسودان، فما عاد البرهان ورهطه أسياد بلد كما كانوا يتوهمون، فهم أُخرحوا وخرج برهانهم ذاته من العاصمة، متخفياً في جنح الليل، ينتعل سفنجة صينية الصنع.
فانحطاط الخطاب السياسي وسفاهة ووقاحة تعبيراته تعكس حالة إفلاس قيمي وأخلاقي، كما تمثل بؤس وصفرية أداء قائد فاشل، هذا إذا افترضنا أن البرهان يُحسب في عداد القادة أصلاً، فهو وفقاً لمؤشرات أدائه العسكري فإن كل العالم و الشعب السوداني يعلم أن تقييم أدائه يعتبر أداء فاشل عسكرياً و سياسياً، فالرجل مهزوم عسكرياً في دارفور و كردفان والخرطوم والجزيرة والنيل الأبيض، أما أداؤه السياسي فكلنا شاهدنا وتابعنا جولاته وزياراته الخارجية لدول العالم بأثره وهو يمارس أسلوب دبلوماسية الشكوى ونهج بكائيات الاحتحاج بأن الدعم السريع قد اغتصب نساءهم و سبا حرائرهم و أستوطن بيوتهم و(شفشف) ممتلكاتهم،* *و لم يضع في اعتباره و هو يمارس هواية جلد الذات الدبلوماسية الشكائية للخارج أن ما حدث هو أمر بديهي ووارد في كل حروب الدنيا أن تنتج عنها تداعيات وأفرازات فالحروب ليس عمل فاضل يشترط فيه مثالية السلوك ورضائية الواقع، فلم يستطع بحججه الواهية ودفوعاته الغير متماسكة تلك ان يقنع بائعة هوى ليلي في شوارع نيويورك التي قصدها باثاً شكواه وضعفه و هوانه وقلة حيلته أمام الأمم المتحدة هناك، لقد كان البرهان يفعل كل ذلك وفي تفكيره الرغائبي أن القائد (كوكاب النايط) الفريق أول حميدتي قد مات وهو يعلم أنه حي يرزق يقود العمليات ضد جيشه في الخرطوم وبقية مسارح القتال، لكن فجأة وبلا مقدمات تحمي البرهان من المباغتات السياسية وصدمات اللامتوقع، ظهر القائد الفريق أول محمد حمدان دقلو خارج السودان في جولة دبلوماسية خارجية،بناءً علي تقديرات سياسية وتوقيتات دبلوماسية زكية، بعد أن أمّن نصر الداخل ورتب صفوف مناصريه وهيأهم لمعركة قد تمتد سنيناً لا قدر الله إذا لم تجد أياديه البيضاء الممدودة لإيقاف الحرب وتحقيق السلام و بناء دولة المواطنة بمواصفاتها المدنية الديمقراطية آذانٍ صاغية من الطرف الآخر في معادلة الحرب الدائرة.*
*و استناداً إلى عُرف تَفهُم و تقدير النفسيات فإني شخصياً ولا أجبر أحداً آخر ان يشاركني أجد العذر القبيح للبرهان فيما ذهب إليه من عبارات خادشة للحياة و ملوثة للمسامع و مسممة للأخلاق، فالرجل مرفوعاً عنه الحرج حالاً و مقالاً، فهو يعيش حالة من متلازمة ( الجنون فنون) ، يحتاج معها ان تُطبق عليه وصية القائد و وصفته العلاجية لهكذا حالة أن ( دمبلوهو و أملوهو حبل).* *مع كامل دعاءنا الصادق له بعافية اللسان من وقاحة و بذاءة الكلام*