( العطا صيج)
يوم 3 يوليو الماضي خاطب العطا جنوده في سلاح المهندسين و قال فيما معناه ” خلال إثنتين و سبعين ساعة سننظف أم درمان و بعد شهر سنكون في أم دافوق” . و قد كتبتُ عن هذا التصريح الكذوب بعد مرور الشهر المقصود.
اليوم بعد مرور أربعةِ أشهرٍ من ذاك الوعد، فإنّ العطا إبتعد كثيراً عن أم دافوق و جرى في الإتجاه المعاكس تماماً، حتى أصبحت المسافةُ بينه و بين نظافة أم دافوق الشامخة بمتمرديها 2400 كيلومتراً طولياً، و هي تنعم بالسلام و الطمأنينة في يد أبنائها أشاوس قوات الدعم السريع، و هي من أوائل الحاميات العسكرية التي تحررت في عموم دارفور.
الفريق ياسر العطا لم يفعلْ أمراً مستغرباً عندما هرب إلى جمهورية بورسودان الشقيقة، فقد سبقه آخرون. كما أنّ قادةً عسكريين آخرين هربوا قبله لاجئين إلي دولة تشاد الشقيقة و آخرين هربوا إلى دولة جنوب السودان الشقيقة و آخر حاول اللجؤ إلى جمهورية أفريقيا الوسطى الشقيقة و كُثر لجأوا مبكراً إلى جمهورية مصر الشقيقة. الشقيقاتُ اللائي لم يحظينَ بقادةٍ هاربين حتى الآن، هُنّ ليبيا الشقيقة و أثيوبيا الشقيقة و إريتريا الشقيقة، و ربما يجدنَ نصيبهُن من فرار القادة العسكريين في مقبل الأيام.
أصبحنا نستمتعُ و نتسلّى بهروب قادة الفلول أكثر من فرحةِ القبض عليهم و سؤالهم (المعاملة كيف) ، فالهروب في حد ذاته أصبح ممارسة جديدة إبتكرها قادةُ الجيش السوداني المكوزن و سُجّلت في التاريخ بإسمهم، و هي أنْ تتسللَ ليلاً من مخبئك بعمليةٍ عبقرية و تصل إلى وادي سيدنا لإلتقاط الأنفاس ثم تطير مسرعاً إلى الشقيقة بورتسودان لتدلي بتصريحات نارية و بطولية هناك .
ليس هناك أدل على سقوط الخرطوم في يد الأشاوس أكثر من هروب الصف الأول من قادة الجيش و سياسيي المؤتمر الوطني من الخرطوم أرض المعركة. إذن مَن تبقى منهم للمواجهة سوى الشباب اليافعين؟ أمرٌ مؤسف حقاً!
سقطت الخرطوم و تبقت ترتيبات الإعلان فقط، و تمت نظافة الخرطوم من قادة الجيش و شرذمة و ساسة فلول الكيزان الفاسدين أو كما يقول النقيب الشهير.
العبرة هنا، و الدرس المستفاد للمستقبل هو ضرورة بناء جيش قومي واحد موحد على أنقاض هذه الشرذمة التي يهرب قادتها بجلدهم و يولون الدبر يوم الزحف، لأنّ جيش يستحِل قادته الهرولةَ و الهروب، يستحيل يحمي وطن و مواطن.
وداعاً جيشنا الذي إعتقدنا فيه كثيراً، وداعاً و إلى الأبد قادة الشردة، و مرحباً بجيشٍ جديدٍ يستطيع قادته و جنوده التضحيةَ بأرواحهم من أجل الوطن.
*سأواصل لاحقاً في التفاصيل*
ابو محمد
3 ديسمبر 2023 م
الخرطوم