الأخبار

أبو محمد يكتب :نيالا مرةً ثالثة و عاشرة ( مكتوب بإحترام لمكوناتنا ) 

مراديس نيوز

لا أكِلُّ من الكتابةِ عن نيالا في زمنِ الحرب، فهي تستحقُ و إنسانها يستحق و نشاطها يستحق و جمالها يستحق و مَن إتخذها موطناً و سكناً من أبناء الوطن الكبير يستحقون. نشأنا فيها صغاراً و لا نعرف وقتها إلى أي القبائل ننتمي، فهناك في نيالا رغم كثرة و تنوع القبائل، تنصهرُ القبائل و تتجمّع و تتصاهر و تتفرّع. تسكنُ فيها و أنتَ من التعايشة و جيرانك ميدوب و جعلية و شكرية و أنقسنا و خُزام متصاهرين ، و تجدُ في المربوع الذي يليكم هدندوة و بني هلبة و فور و رباطاب مع بعضهم البعض متكافلين ، و في الشارع الآخر يسكن برنو و دناقلة و فادنية و زغاوة و حمر منسجمين ، و إذا توغلتَ في حَيِّكم قليلاً حول الميدان الكبير، تجدُ أهلك القِمِر و الحلفاويين و التاما و السلامات ساكنين معاً و متآلفين ، و في أمسويقو و ما حولها ساكنين الهبانية و البرقو و الشوايقة و النوبه و الترجم بسماحة عالية و مسرورين، و ليس بعيداً عن هذه التشكيلة، تجد إلى الشرق منكم يسكنُ الهوسا و المسيرية و البرتي و المناصير و الزيادية بإحترام و مسالمين ، و أنت في ذات الحي إذهب الي الناحية الجنوبية منه ستجد البني عامر و الدينكا و رفاعة و الفلاته و الصليحاب موحَدين ، و أنتَ تتمشى صباح الجمعة في الشارع تجد فطوراً تحت الشجرة يتجمّع حوله الجيران من المساليت و الرزيقات و العبدلاب و السارا و البِرقد متحابين . في ذلك الدكان يوجد ترزي من المعاليا حوله ذبائن من البطاحين و الشُلك و الحلنقه و دارحامد و بني حسين يضحكون . الجزّارُ من الجموعية و المشترين يصطفون من المحس و الكواهلة و الأرنقا و المهايدة و العسيلات و الحوازمة متصالحين . لا تذهب بعيداً فهناك صاحب المخبز من الجوامعة و قَصَدَه لفيفٌ من المشترين و هم من الصَعدة و الحسانية و السكوت و الداجو و الكبابيش متآزرين . عندما تُصَلي في جامع نيالا الكبير و تقول السلام عليكم و تمدُ يدك لمصافحةِ مَن هُم حولك فتجدهم من التُنجر و البزعة و بني حسن و الأشراف و الشنابلة مؤمنين .

و سوق نيالا الكبير، قصةٌ لوحدها، حيث جمعية الأُمم المتحدة السودانية و خليط منسجم و متجانس مما ذكرنا و لم نذكر من المكونات الجميلة، الجلّابة و الجمّالة و البقّارة و الزُرقة و الرطّانة و العرب و الأدروبات و أهل العوض و الرشايدة و ولاد راشد و النوير و المحاميد و الحيماد و كريش و الهمج و النوبيين و ولاد حميد و الشيما و الفونج و اُمبررو و البادراب و الهوارى و البديرية و الحبش. لن تستطيع أن تميز بينهم فهم كلهم يتشابهون و يشبهونك و يشبهونني ، حقاً نيالا هي الأُمم المتحدة السودانية.

عزيزي القارئ عزراً، إذا لم تجد مكونك الإجتماعي أو منطقتك في هذا المقال المختصر فهي حاضرة بقوة، فقط إذهب إلى نيالا و أطرق أيَ باب في أحد أحيائها و قل لهم أنا من المنطقة الفلانية و أبحثُ عن أهلي هنا، فستجد كرمَ الضيافةِ و البشاشةِ ثم يحملونك إلى وجهتك، فهي حتماً موجودة و في كل حي من أحياء نيالا، خرطوم بالليل و التضامن و حي السلام و النهضة و الدروة و حي المطار و الرياض و دريح و عُطاش و حي الجبل و طيبة و كَلمة و السد العالي و حي رايق و الكنغو و السكة حديد و حي الجمهورية و شم النسيم و الإمتداد و الثورة و حي السنما و حي الوادي و الجير و تكساس و كوريا(كرري) و حي الإذاعة و موسي وين سُكر شتت؟. و ربما يمتد بك التِطواف إلى الضواحي، دقريس و سَكَلي و سانيادليبه و دومايه و السريف و جبل قَرفه و كُندوه و بابا و مجوك و تلاتاعرديبه و بليل.

ستجد نفسك أصلاً من نيالا حتى لو كانت جذورك في الهند أو تركيا أو الشام أو اليونان. إذا كنت مماكوس أو كاكاتي أو شاشاتي أو كامل دلّالة أو البير راغب أمين أو ابو سيفين ، فأنت في حي واحد مع أبكر و إسحاق و جنيد و سيداحمد و أوشيك و هجو و نُقُد و كوكو و العمرابي و ملوال.

هذه هي نيالا مدينتنا، مدينةُ كل سوداني و مَن دخلها فليس بضيف بل هو أصل المدينة . ستعود نيالا كما ألفناها سابقاً، أرضاً للمحبةِ و الإحترام و السلام كما رأينا ذلك في مساجدها في الجمعة الأخيرة. ما أكتبه عن نيالا يكاد ينطبق على جميع مدننا السودانية.

محبتي.

ابو محمد

5 نوفمبر 2023 م

الخرطوم

# *سلام يا نيالا*

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى