الأخبار

أبو محمد يكتب: لابُد من جدّةَ وإنْ كَثُرَ السفر (خلي مقابضة الرغوة)

مراديس نيوز

من النفق إلى امدرمان إلى عطبرة إلى بورتسودان إلى القاهرة إلى جوبا إلى الدوحة إلى كسلا إلى الدمازين إلى أسمرا إلى انقرا، والله وحده يعلم أين ينوي البرهان الترحال في سفرته القادمة؟ فخلال عشرين يوماً تجوّل الرجل ما بين المدن والعواصم ما لم يتجوله الرؤساء سلفاكير و افورقي و السيسي و اردوغان والأمير تميم خلال عام كامل مجتمعين.

ماهي النتائج الملموسة و المحققة لهذا التسفار على أرض المعركة و على الساحة السياسية؟ الإجابة ببساطة لا يُرى شيئٌ بالعين المجردة او غير المجردة ولن يُرى أفقٌ لشيءٍ مثل هذا، لا على الصعيد العسكري ولا على المحْفل السياسي. فلا تزال قوات الدعم السريع تحكِم سيطرتها الرأسية (الجو) على العاصمة الخرطوم وتمدّد وجودها الأُفقي (الأرض) في بعض الولايات خاصة بعد الصراع العنيف الذي دار في مدرعات الشجرة وانتهى بسيطرة قوات الدعم السريع عليها وطرد الجيش منها، فضلاً عن إنضمام قادة بارزين جدد بقواتهم وعتادهم للقتال إلى صف الأشاوس . كما أن الظهور التدريجي للسيد محمد حمدان دقلو على هيئة مخاطبة مسجلة حديثاً و تغريدات على منصة X و إتصالات مع موظف كبير بالأُمم المتحدة قد أعطت زخماً سياسياً لقوات الدعم السريع.

يظهر جلياً للمتابع أنّ كل ما يقوم به البرهان من تكتيكات في هذه الزيارات الداخلية والخارجية الهدف منه محاولة لإحداث إختراق عملياتي على الجبهة الميدانية يحسن به الرجل فرصَ المكاسب على الجبهة السياسية فيما لو إقتنعَ أو أُقنِعَ أو أُجبِرَ على الإقتناع للذهاب إلى التفاوض عاجلاً أو آجلاً شاء أم أبى willy nilly

لكن وحسب المرئيات والمعطيات و التحليلات فإنّ الكفةَ لا ترجح له حتى و لو عوّل على الإبرة التي يحفر بها، فميزان القوة المادي و المعنوي يميل لصالح خصمه بوضوح، خاصةً ميدانياً.

سياسياً فلربما يجد الرجل قاعةً خاليةً من الأعضاء ليخاطبهم في الجمعية العامة للأمم المتحدة في العشرينات من هذا الشهر بنيويورك، حيث من المتوقع أن يجد خطابه هناك مقاطعةً واسعة جداً تشير إلى إمتعاض المجتمع الدولي من شرعيته الإنقلابية منذ الخامس والعشرين من أكتوبر 2021م، وترسل رسالة واضحة إلى عدم رضا هذا المجتمع عن إصراره في الإستمرار في الحرب وإطالة معاناة السكان المدنيين، وإرسال إشارة أخرى للإحتجاج على إرتباطه العضوي بجماعة الإخوان المسلمين، وهي جماعة مصنفة كمنظمة إرهابية عند كثير من شعوب العالم لممارساتهم العنيفة.

إذن فإنه لن يبقى للرجل إلا منبر جدةَ التفاوضي والذي ظل يتجنبه يُمنةً ويُسرة منذ أن تنفس الصعداء بعد تلك الغُمة التي ألمّت به لما يزيد على الأربعة أشهر وعشرة أيام.

لابد من جدةَ رغم سعي الرجل كثيراً للإمساك بالرغوة هنا وهناك دون جدوى، ذلك أنّ في جدةَ توجد أكثر المبادرات جديةً ومقاربةً للمشكل السوداني وأقوى الجهات رعايةً وتبني للحل السياسي المتكامل الذي يشمل العسكريين و المدنيين معاً، و حيث يظل الإتفاق الإطاري المعدّل هو المرجعية السياسية الأساسية التي سيقوم عليها التفاوض القادم، وهو بالتالي ينهي وجود الفلول في السلطة ويقطع الطريق أمامهم لأي ظهور لاحق، وهذا ما يفسّر تحاشي الرجل جدةَ بضغط مستميت من أنصاره الإسلامويين وهم يشكلون الرافعة الأساسية للحرب الدائرة منذ أن أشعلوها.

سوف لن تكتفي قوات الدعم السريع بضغط إقليمي و دولي على البرهان ليُحْمَل حملاً إلى جدةَ، بل سوف تمارس القوات أيضاً ضغطها الميداني الخاص وخاصةً في سلاح المهندسين لتتسارع هرولة الرجل و خطاه نحو جدة وأيديه خالية من الرغوة.

ابو محمد

14 سبتمبر 2023

الخرطوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى