الظروف الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية في السودان التي نتجت عن الحرب الدائرة بين قوات الدعم السريع والجيش،أفرزت واقعا معقداً، تمايزت فيه الصفوف وذلك بشهادة الجميع إما مع أو ضد وقليل منهم من يمسك العصا من نصفها، هذه المواقف تشكلت لدى شعب السودان بناءً على إصطفاف جهوي أو خطاب عاطفي أو أيدولوجي تتحكم فيه البروبقاندا السياسية لدى معظم اللوبيات والجماعات في القواعد.
إذن هذه الحرب أصلها سياسي وهدفها سياسي “الإصلاح وترسيخ دعائم الحكم المدني” وبالتالي يجب أن تُفهم في هذا السياق وليس غيره، والنأي عن جرد وتصفية الحسابات القديمة على أساس عنصري بغيض، وفي إقليم دارفور تحديدا لم يفهم الكثير من الشعب ماهية الصراع والقضية المحورية والجوهرية التي تقاتل من أجلها قوات الدعم السريع، فالحرب قامت على إختلاف الزعماء والقادة العسكريين حول إيجاد صيغة جديدة لحل المشكلة السياسية وعللها المتراكمة منذ 1956م وحتى الآن، (ما جاء في وثيقة الإتفاق الإطاري السياسي في السودان).
يمكن أن يكون ذلك الإختلاف مبرراً منطقياً لهذه الحرب في الغالب وواضح لكل شخص، فما الذي يجعل أو يخلق قضايا إنصرافية لتفتيت نسيج شعب دارفور؟ أعني بذلك وجود أكثر من جبهة للقتال القبلي في ولايتي وسط وجنوب دارفور على رأسها حرب السلامات والبنى هلبا، هل هي لعبة سياسية أخرى أم وجه من وجوه الحرب الدائرة؟ ولماذا الإحتراب القبلي ونحن نقرأ ونتعلم درساً قاسياً في كل يوم؟، لماذا هذا التشظي والإنقسام والعدو الحقيقي معروف؟ ، لماذا تفشل المحاولات الساعية للصلح في كل مرة؟ أين حكمة ودور وتحكم الإدارات الأهلية في أفرادها؟ بالإجابة على تلك الأسئلة تبدو الصورة أكثر وضوحاً وأولها أن الحرب القبلية هذه هي عمل إستخباري عسكري هدفه خلق جبهات ونقاط جديدة على رقعة إقليم دارفور لثني أو ليّ ذراع الدعم السريع الذي طال البلاد طولاً وعَرضاً، أما الأجوبة الأخرى فليأتِ بها القاريء نفسه بناءً على إدراكه وإستنتاجه.