في الرابع عشر من شهر ابريل بدأت الحرب بين الجيش والدعم السريع في السودان، وبدأت معها حملة إعلامية مكثفة بدعم الجيش والقضاء على المتمردين والمليشيات، وبدأت في الخرطوم ثم انتقلت إلى كثير من ولايات السودان، وأيضاً صاحبتها تقارير يومية عن انتصارات الجيش. وكل هذا شيء عادي أن كانت فعلاً هي حرب بين الطرفين، لكن أن يدعم قادة نظام البشير هذه الحرب فهذا هو الغير عادي!
بعد خروجهم من سجن كوبر كلفوا احمد هارون نائب رئيس المؤتمر الوطني بخطاب سياسي وفي اعتقادي أنه البيان رقم(1) بعودة المؤتمر الوطني، ولم يتوقف على ذلك فحسب بل دعا فيه جماهير الشعب إلى الالتفاف حول القوات المسلحة ودعمها وتقديم المبادرات لها للقضاء على قوات الدعم السريع! إذاً هذا القول يشير إلى أن هذه الحرب من صنيعتهم لأن لديهم دافعاً وهو استعادة حكمهم الذي بات مهدداً في ظل توقيع البرهان على الاتفاق الإطاري.
سقوط الأقنعة
سقط قناع كثيراً من الإعلاميين والخبراء الإستراتيجيين وبعضاً من المحللين السياسيين والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد قاموا بدعم الجيش على حساب الدعم السريع، ووصفوا الدعم السريع بنفس الصفات التي كان يستخدمها عصبة البشير في تسييس الاثنيات تجاه بعضها البعض، فقد قالوا على الدعم السريع بأنهم( جنجويد ومرتزقة ومتمردين وغازيين ومحتليين وتشاديين ونيجريين وهذه ليست دياركم) ويزعمون بأن الدعم السريع أتى إلى الخرطوم لاحتلالها، ويرغب أفراده بان يتزوجوا من نسائكم ويسكنوا في بيوتكم ويركبون سياراتكم؟
هذه الحملة الشعواء سقط في براثنها عامة الخلق وبعضاً من دعاة السلفية لأنها كانت منظمة وقوية جداً، ولكن لا عذر للدعاة في هذه السقطة الأخلاقية، ويقولون لك أفضل لنا المسلمين الذي عليهم بعضاً من الملاحظات(الأخوان المسلمون) من العلمانيين والشيوعيين.
سقطة أخرى.
هل الأخوان المسلمين عندما حكموا خيروكم وطلبوا موافقتكم ؟ لا
هل العلمانيين عندما حكموا في الفترة الانتقالية استأذنوكم؟ لا
هل الإسلاميين عندما قرروا هذا الحرب أخطروكم؟ لا
هل الإسلاميين قالوا لكم نحن من أشعلنا هذه الحرب؟ لا
هل من حق البرهان أن يصف الدعم السريع وقتما شاء بالتمرد؟ لا
هل أراد حميدتي أن ينقلب على البرهان؟ لا
هل الدعم السريع هم البغاة الظالمون المتمردون ؟ لا. لأن وكالة الأسيوشتي بريس قالت إن من أطلق الطلقة الأولى هو الجيش السوداني مستهدفاً معسكر الدعم السريع في منطقة سوبا عند الساعة الثامنة والنصف صباحاً، وهذه عبر الأقمار الاصطناعية وليست بحاجة إلى تحقيق.
ما الدافع إذاً لوقوفكم معهم اللهم إلا أن تكونوا مثلهم!!!
إن مسألة الخروج على الحاكم ومسائل الحكم تصنيفها الفقهي من كبار العلماء وليست كما التوحيد، فلا تخوضوا فيما ليس لكم به علم، ولكن هي الفتنة لا ينجوا منها إلا من نجاه الله، والفتنة ليست بأن يخوض الإنسان فيها وإنما بتجنبها.
مخالفة الفطرة
عندما ينشب شجار بين شخصين ويراهم شخص آخر يذهب مسرعاً في الفصل بينهم، ويقوم بتهدئة النفوس، ولكن أن تقوم بدعم طرف على آخر إذاً أنت مشاركاً معه في كل ما فعل من قتل وفساد ولك وذنب فعلة لأنك تؤيده.
أما إن كان لك تمني حسب وجهة نظرك فتمنى ما شئت، لكون هذا الطرف أو ذاك أن انتصر أفضل من الآخر، فهذه وجهة نظرك ولا أحد يجادلك فيها لكن أن تصل إلى مرحلة الدعوة بأن ينتصر من تدعمه فهذه سقطة أخرى ومخالفة للفطرة.
دعوة العلمانيين
بعد اندلاع الحرب قام العلمانيين والشيوعيين وبعضاً من العقلانيين بدعوة لوقف الحرب. الشيء الذي يجعل الإنسان العادي في حيرة من أمرة ولسان حالة يقول:
هل العلمانيين هم العقلاء بينما الاسلامويون هم المتطرفون؟
هل هنالك من لدية رجاحة عقل يدعم طرف على آخر؟
من خلال هذه المقاربة يتضح أن العلمانيين يتوافقون مع الفطرة السليمة التي ليس فيها عنف أو قتل، أما الإسلامويون وبعضاً من دعاة السلفية لا يتوافقون مع الفطرة السليمة وسقطوا أخلاقياً ووقعوا في الفتنة، وكان ينبغي عليهم أن لا يخوضوا كالذين خاضوا لان الجاهل يعزر بجهله أما داعية الحرب فلا جهل له.