لقد فاجأ البرهان أعداءه كما فاجأ أصدقاءه بخروجه متسللاً ، من القيادة العامة ، هارباً من ميدان القتال بعد إن اشتد الوطيس في المدرعات ، التي كان يظن هو ومن معه أنها ستظل بعيدة عن الثورة المسلحة ، وربما تصمد لسنوات طوال. وأدرك أن قيادة الجيش عما قريب سوف تكون في مهب الريح ، ولم يعصمه البحر لاحقاً إن لم يخرج الآن وربما لقي مصير قائد الفرقة 16 نيالا الذي اغتيل من قبل حراسه.
وقد يرى الكثيرون أن اتفاقاً قد أبرم بين القيادة العليا للجيش وقوات الدعم السريع تم بموجبه السماح لقائد الجيش بالخروج من القيادة ، لدعم عملية وقف إطلاق النار التي يتمترس الاسلاميون في طريقها ، ربما يعضض هذا الرأي صعوبة الخروج من القيادة في ظل حصارها الشامل الذي امتد لخمس أشهر ، بالاضافة الى مطالبة القوات المسلحة في منبر جدة بالسماح لقياداتها المحاصرين في الخرطوم بالخروج، وتصريح البرهان في وادي سيدنا بعد خروجه من محبسه (البدروم) بأنه لن يقاتل من أجل فئة أو جماعة وكانه يقصد (أنه لن يقاتل من أجل الأخوان) ، وتصريحه الآخر في قاعدة فلمنقو بأنه يعمل بكل جهده للخروج من المحنة ، لكنه مضى على سنة الاخوان عندما وصف قوات الدعم السريع بالجماعات الغازية ، وتعنصر عليها عندما قال إنها جماعات لا تشبه الشعب السوداني .
مهما بلغ بالبرهان الأمر .. خرج من محبسه أم لم يخرج فإنه لن يحقق نصراً عسكرياً على قوات الدعم السريع ، فإنهم يفوقون القوات المسلحة عدداً ، وعزيمة وصبراً في ميادين القتال، لم ترهبهم الدبابات والراجمات ولم تثنيهم عن مطالبهم الطائرات والصواريخ ، فقد تجولت في بحري وشرق النيل و شوارع الخرطوم الكبرى مثل شارع الستين وشارع افريقيا وشارع المطار، والسوق العربي بأكمله حتى المقرن ولم أر إلا عناصر الدعم السريع .
يجب للبرهان أن يجنح للسلم ويرسل مبعوثيه للحاق بمفاوضي الدعم السريع في جدة، وعدم الاستماع للنواصي الكاذبة التي تسعى لقيادة السودان نحو الهلاك ، وتحطيم المواطن السوداني المنكوب ، من أجل العودة مجدداً للمشهد ، لكن طريق الحرب الذي يتوددون إليه لن يستطيعوا تحمله إذا طالت المعركة….