أهالي معسكر السّريف الذين اخرجوا من ديارهم في رهيد البردي بغير حق ، بعد أن تآمرت عليهم مزامير الشر ، وطواحين الباطل ، ظلّوا على مدي عشر سنوات عجاف يعانون ويلات النزوح لوحدهم ، ويفترشون الأحزان والمآسي ،.. لم يحدثهم أحد، ولم يسأل عنهم أحد ، لم يستوقفهم أحد ، في ظل المجتمع السادي الذي يتلذذ بمعاناة الآخرين.
وظلت مدينة نيالا التي حلوا ضيوفاً عليها تنظر إليهم بعيداً عن التقدير والاعتبار ، وبعيداً عن الرحمة والوقار،.. إن المئات الذين اجتمعوا في السّريف لاستقبالنا لا يملكون شيئاً من المال ، لكنهم يملكون الكرم والوجه الصبوح وأخلاق الصالحين …أمطرونا بالذبائح ، وأكرمونا بالكلمات الطيبات ، وقلبوا تصوراتنا رأساً على عقب
تلمح في مطالعهم العزة إلتي ظلت تحملهم إلى عدم المطالبة بمستحقاتهم من الظالمين الذين شردوهم من ديارهم بغير حق، وتنظر إلى محياهم فتحسبهم أغنياء من التعفف ، جئنا لمواساتهم ولكنهم أحيوا مشاعرنا وحركوا دواخلنا وأطلقوا سراح أفراحنا وقيدوا أحزاننا.
لقد طفنا على أهالي المعسكر وتحسسنا مشكلاتهم ، وعايشنا معاناتهم المتمثلة في غياب المدارس والرياض والمراكز الصحية والميادين الرياضية ، ووأد أحلام العودة بتجاهلهم طوال السنوات الماضية .
يجب أن تقوم ولاية جنوب دارفور بمسؤليتها تجاه رعاياها في السريف ، فلا يعقل أن يتم حرمانهم من أقل مستحقاتهم في التعليم والصحة ، والحياة الكريمة ، والاندماج في المجتمع ورعاية حقوقهم المعنوية ، كما يجب أن تقوم منظمات المجتمع المدني والأهلي بواجبها المقدس تجاههم ، وأن يتصدى الفاعلون الخيرون لقضاياهم ، قبل أن يزرع اليأس سحره في قلوبهم ويحملهم إلى ما لا يحمد عقباه.