آداب

د. أسامة محمد جمعة داؤد يكتب :الرؤية النبوية للشعر- شبهات وردود (5)

مراديس نيوز

بنى بعض المناهضين للشعر مواقفهم على بعض الأحاديث النبوية التي يعتقدون أنها تذم الشعر وتنهى عنه أو تقلل من شأنه وشأن منتجيه ، والراجع لتلك الأحاديث يجد مضمونها ليست على النحو الذي بنوا عليه أحكامهم وفي مقدمة تلك الأحاديث قول الرسول صلى الله عليه وسلم (ما أنا بشاعر وما ينبغي لي) ، لا علاقة لهذا الحديث بذم الشعر إنما بين الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه ليست شاعر وقد صرف الله عنه صفة الشاعريه وهو هنا يشير إلى قوله تعالى : { “وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ”}.. (يس ٦٩) ، وقد ذهب بعضهم إلى أنه كان يقول الشعر ، نحو قوله “أنا النبي لا كذب أنا ابن عبدالمطلب” ، وقوله “هل انت إلا أصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت” ، لكنها كلمات في أقواله وافقت الشعر ولم يقصد إلي الشعر سبيلا.
وقد عدد العلماء أسباب متباينه لصرف النبي صلى الله عليه وسلم من قول الشعر : فلو كان الرسول صلى الله عليه وسلم شاعراً لقيل أن الملكة التي مكنته من نظم الشعر سوف تمكنه من تأليف القرآن ، ولو ثبت أنه شاعر لظنوا أن شيطان الشعر الذي يتلبس كل شاعر في معتقداتهم قد أعانه في نظم القرآن كما كان يعينه في قرض الشعر ، فقد أراد الله تكذيب المشركين الذين يقولون أن النبي صلى الله عليه وسلم شاعر وكذاب كما ورد في قوله تعالى {بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ}( الانبياء 5) بالإضافة الى ذلك فإن الله تعالى لا يريد أن يشتغل نبيه بما يتلهى به ويتلذذ به وأراد أن ينأى به عن التخييل والمبالغة والتزيين التي يتحلى بها الشعر وقد كان العرب يقولون أعزب الشعر أكذبه.
ومن الشبهات حول موقف الني من الشعر حديث ” من قرض بيت شعر بعد صلاة العشاء لم تقبل له صلاة حتى يصبح” ، وهذا الحديث مشكوك في صحته وفي نسبته الى الرسول صلى الله عليه وسلم وقد ضعفه أبوداؤد والنسائي ، واخرجه العقيلي في الضعفاء ، وقد قال ابن حجر ان الشعر مباح فكيف يعاقب فاعل المباح بعدم قبول صلاته ، لكن بعض شراح الحديث قالوا المقصود هنا السمر بالشعر الذي يتضمن لهواً وهجاءً وقيل أن عمر رضي الله عنه كان ينهى الناس عن الحديث بعد العشاء ويقول ” اسمراً أول الليل ونوما آخره” ذلك لأن الله جعل الليل لباسا والنهار معاشا فمن سهر الليل لهواً كأنما خالف حكمة الله.
والشبهه الأخيرة قول النبي صلى الله عليه وسلم ” لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً حتى يريه خير له من أن يمتلئ شعراً” وهذا الحديث صحيح وقد ذهب المفسرون إلى أن المقصود هنا أن يمتلئ جوف الانسان شعراً حتى يشغله عن العبادة وذكر الله ، وقيل المقصودبه شعر الهجاء لأنّ الحديث ورد برواية أخرى ” لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً حتى يريه خير له من أن يمتلئ شعراً يهجو به الناس، لاسيما وأن الحديث قد ورد في مناسبة خاصة قال سعيد الخدري بينما كنا نسير في العرج عرض شاعر فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم “خذو الشيطان” أو أمسكوا الشيطان لإن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً حتى يريه خير له من أن يمتلئ شعرا”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى