بالرغم من تنبؤات المليك قبل عام من هذا التاريخ بموت هرم ، لكن لم يكن أكثر المتشائمين يتوقع أن تموت بهذه الطريقة المزرية ، وتختفي عن الوجود فجأة ، ونقرأ على أطلال اللقيا وأحلامها هنا كانت هرم .
فلماذا قتلت هرم ومن الذي قتلها بعد أن هُيأت لها كل أسباب النجاح منذ يناير من العام الماضي ، لقد تنادي أكثر من أربعين مكوناً اجتماعياً لتأسيسها ، ودفعوا بقياداتهم السياسية وكفاءاتهم العلمية في منصة التأسيس ، وأقيمت أربعة ورش ناجحة قدمت فيها توصيات قيمة ، واستطاعت هرم وقتها أن تقنعنا بفكرتها فجئنا إليها وأهملنا مآربنا الأخري ومرت الأيام تلو الأيام والقائمون عليها لم يحركون ساكناً فتساقطت العضوية وتبعرث المكونات وتناثرت التنظيمات وعاد بعض منسوبي هرم إلى أحزابهم ومكوناتهم القديمة بسبب ذلك السكون العجيب.
لقد نبهنا حتى كلت أقلامنا بأن الوقت لن ينتظر الكسالي حتى يطردون النوم من أعينهم ، لكن القائمين على هرم ظلوا يضعون أصابعم في آذانهم ، ويجلسون على مكاتبهم التي أحسب أنها خاوية من الفكر مثل خلوها من الأساس ، لقد وصلناهم في أماكنهم فلم نجد من يقدم لنا كوباً من الماء أوجرعة من الفكر.
إن من يملك أربعين مكوناً اجتماعياً ، في ظل توافر المعينات المادية والمعنوية يستطيع أن يحكم السودان بكل مدنه وضواحيه ، ويستطيع أن يملأ الدنيا ضجيجاً بصوته ، لكنهم عجزوا عن إدارة هذه المكونات لقلة خبرتهم ، وضعف عزائمهم ، ولاستهتارهم بالأموال التي صرفت والأفكار التي طرحت ، وإن كان غير ذلك فنشك في ولائهم للفكرة التي صرفنا من وقتنا ومالنا لنشرها وتمليكها للمكونات ولم ننتظر مقابل ذلك عرفاناً وشكراً.
لماذا يتوارى قيادات هرم (ويدفنون الدقون تحت الرمال) ، وقد انطلقت المعارك السياسية ، وبدأت الأحزاب تدشن فعالياتها ، وتقيم مؤتمراتها ، في العاصمة والولايات ، لماذا لا تظهر هذه القيادات للعلن وتطرح نفسها للرأي العام في جميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة التقليدية والرقمية ، ما الذي ينقصها وما ذا تنتظر بعد استطاعت بعض المكونات الحديثة أن تغزوها في ديارها وتجردها من بعض عضويتها بسبب الإهمال.
وماذا تستفيد القيادة من (مجمع علمي) لا يحرك ساكناً ، وكيف تصبح هرم بديلاً للأجسام المتصارعة وهي لا تزال في حالة البيات الشتوي أو تعاني رطوبة في الركب تعجزها عن القيام ، وقد قزمت نفسها وقتلت طموحها بنفسها ، بدلاً أن تصبح حزباً يمتلك كل مقومات وجودة تريد أن تصبح مركزا للدراسات والبحوث لتوجيه الفكرة وقتلها فيما بعد والانسحاب لواذاً خوفاً من تولى المسؤليات العظام.
نواصل