تعتبر مدرسة أبولو ثالث المدارس التجديدية في الشعر العربي وقد تأسست في عام 1927م ، كنتاج للصراع بين انصار المدرسة التقليدية التي يتزعمها أحمد شوقي وحافظ إبراهيم ومدرسة الديوان التجديدية التي يتزعمها العقاد وشكري والمازني ، ولقد اتخذت المدرسة من أبلو إله الفنون والعلوم في الأساطير اليونانية عنوانا للمدرسة ، وأهم سمات انصار المدرسة أنهم جميعاً من الشباب ، ولهم رغبة عارمة التجديد ، ومعجبوب بالرومانسية الربية فضلا عن إجادتهم للغة الانجليزية ، ومن أبرز شعراء المدرسة أحمد زكي أبو شادي ويعتبر رائداً لها بالإضافة إلى ابراهيم ناجي وعلى محمود طه.
وأهم العوامل التي هيأت لظهور مدرسة أبللو : الجدل الذي كان دائراً بين التيار التقليدي والتجديدي ، وتراجع مدرسة الديوان بعد انسحاب شكري ، وانتقال المازني للنثر ، وانشغال العقاد بعبقرياته ، بالإضافة إلى التأثر بأدب المهجر في الحرية والانطلاق ، والانفتاح على الأدب الغربي عن طريق الترجمة والرحلات.
وتميز شعر مدرسة أبلو من حيث المضمون بإهتمامه بالمرأة والحب ، والشف بالطبيعة ، والشكوى من الوحدة والحنين الزكريات ، ومن حيث الشكل تميز بنزوعه نحو التشخيص والتجسيم ، ونقل المعنوي إلى حسي ، والتعبير بالصورة بدلاً من المعاني ، ونقل الالفاظ من استخداماتها المعهودة إلى أخرى .
وتتمثل مظاهر التجديد في شعر المدرسة في عدم التزامهم بالقافية وتقسيمهم للقصيدة إلى عدة مقاطع وتركيزهم على الموسيقى الهادئة.
وقد كان لمدرسة أبلو أثراً واضحاً في جميع انحاء الوطن العربي فمن روادها في السودان التجاني يوسف بشير ، ومن روادها في تونس ابوالقاسم الشابي ، وفي السعودية حسن قرشي وفي لبنان الياس أبو شبكة ، وتدل أسماء دواوينهم على معاناتهم وأزماتهم الزاتية نحو ( من وراء الغمام ) لإبراهيم ناجي، (الالحان الضائعة) لحسن كامل الصيرفي ، (أغاني الكوخ) لمحمود حسن اسماعيل (الشاطئ المجهول) لسيد قطب ، (أنفاس محترقة) لمحمود أبو الوفا.
وولم يكن العقاد راضيا عن مدرسة أبلو لأنه كان يعتقد أن المدرسة انشئت للنيل منه والتقليل من مجده الأدبي ، وانكار دوره الريادي في تجديد الشعر ، بالإضافة إلى موقف أحمد ذكي أبو شادي من ديوان من وحي الاربعين وتناوله بالنقد العنيف في الصحافة.
وقد اعترض بعض المهتمين بالأدب على تسمية أبللو بالمدرسة لأنها ليست لها بياناً شعرياً ولا مذهباً واضحاً في التجديد ، ولم يقدم روادها دستوراً يتضمن أهدافاً واضحة تريد المدرسة أن تحققها، كما أنها لم تخطو خطوات واضحة في تجديد الشعر ، بل جعلت رئاسة مجلتها لأحد الشعراء التقليديين وهو احمد شوقي ، ونشرت في مجلتها للعديد من شعراء التيار القديم وفي مقدمتهم حافظ إبراهيم ، وأحمد الزين ومحمود غنيم.
وفي عام 1932م أصدر أحمد ذكي أبو شادي مجلة أبوللو بهدف خدمة الأدب خدمة إنسانية ، ومحاربة التحزب الأدبي ومحاربة الالقاب التي لا تخدم الأدب ، واسندت رئاسة المجلة للشاعر أحمد شوقي لأن ظروف ولادة المجلة كانت دقيقة والمجلة كانت في حاجة إلى التحصين وكان شوقي وقتها يحظى بالاحترام والتقدير ، وأبرز الكتاب الذين كتبوا على صفحاتها : ابراهيم ناجي ، وعلى محمود طه ، ومحمد عبد المعطي ، وسيد قطب ، وأبو القاسم الشابي ، والتجاني يوسف بشير وحسن اسماعيل . واتخذت المجلة سياسة مرنة في الانفتاح على الآخرين وفتح أبوابها لجميع الشعراء الشباب والمغمورين ، وقد خصصت المجلة جوائزاً تشجيع الأدباء على بذل جهداً اكبر في اتقان أعمالهم الأدبية ، لكن هذه السياسة لم تخدم غرض المجلة لأن الأمر قد افلت من يدها ، فقد نشرت عدة مقالات ضدها وضد سياستها ومحررها ، وتحولت بعض المقالات إلى معارك شخصية وقد توقفت المجلة عن الصدور في عام 1934م بعد 12 عاماً من العطاء.