عميدم إبراهيم عقيل مادبو… زيارة وزير الدفاع الأمريكي لمصر والتصويت الإماراتي لتمديدالعقوبات على السودان
مراديس نيوز
دائماً قراءتي و رؤيتي التحليلية لتسلسل الأحداث في المسرح السياسي السوداني لا تكون بمعزل عن التدخلات الإقليمية والعالمية والأحلاف واللوبيهات وتأثيرها على المشهد المحلي فراعي الضان في الخلا يعلم حجم هذه التدخلات وتأثيرها على السودان.
ولذلك اقول بصورة عامة أن المشهد ضبابي وقاتم، فالمسرح السياسي الان يتكون من عدة فصول وكل فصل قائم بذاته، وكل جهة تريد أن تكون نهاية المسرحية لصالحها ولذلك فالوقت مبكر للحكم على ما يدور وهذا سبب اختلافي مع الذين تسرعوا واصدروا حكمهم على زيارة وزير الدفاع الأمريكي للقاهرة واجتماعه مع السيسي وضمن اجندة الاجتماع مناقشة مناقشة تطورات الأوضاع ومستقبل العملية السياسية في السودان، فالبعض هنا سارعوا إلى تفسير الزيارة بأن امريكا ستأمر مصر فوراً بالكف عن التدخل في السودان ورفع يدها عن البرهان وهذا تفسير عاطفي يحصر الزيارة في زاوية صغيرة، بينما الحقيقة ان الزيارة لها صلة بعموم منطقة القرن الافريقي فأمريكا لا تنظر إلى السودان بمعزل عن محيطه وتأثير السودان علي محيطه، نعم السودان حتى وهو في اضعف حالاته يؤثر بصورة واسعة على كل محيطه فأمريكا عندما تتحدث عن العملية السياسية في السودان تضع سيناريوهات لهذا التأثير والتغيير على مصر وليبيا وتشاد وارتيريا وافريقيا الوسطى وجنوب السودان ومصالحها في تلك الدول، وهل ستتأثر هذه المصالح بما سيحدث في السودان؟
الان السودان في ظل صراع اقليمي دولي وسيزداد هذا الصراع بشدة قبل تكوين الحكومة القادمة بسبب التدخلات الخارجية وتقاطعات كل دولة لها مصلحة في السودان، خاصة وقد نجح الخارج في تجنيد عملاء كٌثر واستطاع بواسطة هؤلاء العملاء التأثير على معظم الرأي العام السوداني وبالذات لدى مرتادي الميديا الإلكترونية.
الان نحن نشاهد الصراع المصري الخليجى بعد إن كان خارج الحدود ينتقل إلى داخل حدود السودان، بالإضافة إلى التدخل الإسرائيلي الواضح في الوطن، عطفاً علي الصراع الغربي الروسي، والأطماع الفرنسية بدارفور وتشاد وافريقيا الوسطى، ولذلك اقول أن أول الضحايا سيكون السيد النائب حميدتي إذا لم يتدارك مستشاروه هذا الأمر، فهناك جهات تريد ربط الدعم السريع بما يحدث هناك، وإثبات أن الدعم امتدت اصابعه إلى افريقيا الوسطى حتى وإن لم يكن ذلك بإيعاز من حميدتي، فكثير من الناس يظنون أن كل من يرتدي زي عسكري مموه في تلك الأصقاع يتبع للدعم السريع، ولا يفرقون بين الدعم كقوات وبعض العناصر القبلية التي تؤازر أهلها في مناطق الأحداث داخل تشاد وافريقيا الوسطى، والسودان سيتأثر حتماً بفعل هذا الصراع بحكم التداخل القبلي، وهذا مسرح جديد إذا لم يتم إسناد ملفاته لمن يعرفون طبيعة الصراع وإدارته، فقد يؤذي هذا الصراع السودان.
بالنسبة للمصريين وبعد زيارة وزير الدفاع الامريكي سيختلفون ظاهرياً مع أمريكا في السودان فهناك بالفعل اختلاف وتقاطعات في المصالح، ولكن المصريين لديهم ورقة ضغط على امريكا وقد استخدموها اكثر من مرة في السابق وهي ورقة غزة والفلسطينيين وهذه الورقة عامل مهم جدا في يدهم لتليين أو كسب الموقف الأمريكي الرسمي، فالمصريين ومخابراتهم متحكمون في الفلسطينيين، وقد لا يعلم البعض ان مصر تلعب مع حماس سراً واحياناً تغمض عينها عن الانفاق وعن التهريب الذي يدعم حماس، وفي نفس الوقت هي علناً لديها علاقة جيدة مع السلطة الفلسطينية والاسرائليين ولذلك سيتمكن السيسي من احراز نقاط لصالحه في مباحثاته مع وزير الدفاع الأمريكي.
وعليه فإن الفترة القادمة على السودان ستكون مليئة بالصراعات والتجاذبات بسبب إنعكاس الصراع المصري الخليجي علي السودان، فهناك أزمة في العلاقات بين السعودية ومصر سينتقل تأثيرها إلى السودان، وقد يكون السودان ميدان لمعركة بين السعودية ومصر مما سيخلق مشكلة تختلط فيها الاوراق وهذا سيضيف عبء كبير على أجهزة الدولة الأمنية المتمثلة في المخابرات والاستخبارات والشرطة، وأيضا سيخلق تجاذبات واختلافات جديدة في السياسة التي ستنتهجها المعارضة السودانية ضد البرهان.
لا ينكر احد أن الاتفاق الاطارى اتضح أن داعمه الاقوى هما الامارات والسعودية وهما تعتمدان على حميدتي في تمريره، والان المصريين تدخلوا بقوة ليس لعرقلته كما يظن البعض ولكن لتثبيت وتضمين المصالح المصرية ضمن الإطاري، والايام القادمة ستشهد أحداث متسارعة علي مستوي الداخل والإقليم، وسيعود المبعوثين الدوليين إلى السودان ويحاولون ابطاء هذا الصراع وخلق نوع من التناغم الدولي، وستبطئ الامارات اللعب وتحاول التوفيق بين حميدتي والبرهان ولهذا قامت بالتنسيق بينها ووزارة الخارجية حول مسألة التصويت على قرار تمديد العقوبات بمجلس الأمن.
بالنسبة للجيش لنأخذ مثلاً خطابات ورسائل الفريق أول ركن كباشي في كادوقلي فقد كان حديثه واضحاً وقال الحقيقة التي لن تقبلها ق.ح.ت وتحدث بوضوح اكثر عن مآلات الدمج والذي إذا حدث وفق المعايير ونصوص ولوائح الأمم المتحدة واتفاق جوبا فلن يرضي ذلك جزء من قوى الحرية والتغيير وسيحاولون بخاصة الجذريين العودة إلى التظاهرات والتنسيق مع لجان المقاومة وغرضهم تأليب الشارع واختطاف المواكب من جديد لإظهار قوتهم وسيشتعل فتيل الأزمة، وتحت ساتر ودخان الفوضى ستتسلل جهات خفية تدفعها وتقف وراءها اطراف خارجية، وقد تقع بعض الاغتيالات وقد نشهد تفجيرات.
الذي سيحدث في السودان هو ترتيب للأوراق من جديد فالوضع في السودان الان أصبح أولوية لكل القوى الاقليمية والدولية المتصارعة، والموضوع اكبر من البرهان ودقلو اخوان وقحت والكيزان، وما يزيد الطين بلة ان معظم الساسة والنشطاء في السودان مفتكرين المشكلة داخلية فقط، ولكن الموضوع مخطط كبير ومنذ زمن طويل وللأسف ساسة وحكام السودان لا ينظرون ابعد من مسافة الكرسي الذي يجلسون عليه، والخطورة في التوتر وعدم الثقة وجو الاحتقان السائد بمبرراته، فكل زول عنده مبررات لمعاداة الاخر وإقصائه، ولكن فش الغبينة بخرب المدينة وكان قامت طلقة تاني ما بتقيف والبلد تصبح رماد ولذلك لابد للعقلاء ان يتدخلوا وهذا اصبح فرض عين.
*وحتى نتفادى كل هذه المخاطر لابد أن يكون الحل سوداني سوداني وإلا ضاع الوطن، ولابد لنا جميعاً العمل على فتح الطريق لحكومة تصريف أعمال مدنية، وحماية الإنتقال، والدفع بإتجاه الإنتخابات وإقامة العدالة الإنتقالية.*
عموماً من يريد فهم السودان أكثر، عليه حضور فيديو حفل زواج احد انجال الدكتور سليمان صالح فضيل وعدم الانقياد وراء الشائعات والطلس الذي يتردد صباح مساء بمواقع التواصل الاجتماعي، فكل جهة في السودان سواء كانت داخلية ام خارجية أنشأت لها غرفة إلكترونية لتمرير تحليلات واخبار تخدم أغراضها ومصالحها، وهذا أدى لإختلاط الحابل بالنابل واصبحت الشائعات كفقاقيع وبالونات الصابون التي يلهو بها الاطفال، وهذا افرز واقع ومنهج جديد في علم الشائعات واراح خبراء مكافحة الشائعات، حيث اصبحت الشائعة تقتلها الشائعة من كثرة الشائعات المتضاربة.
عميد م/ ابراهيم عقيل مادبو