آداب

د. أسامة محمد جمعة داؤد …معوقات الأدب الإسلامي وآليات ارتقائه (2)

مراديس نيوز

لقد ابتدر الأستاذ سيد قطب الدعوة للأدب الإسلامي في بداية الخمسينات من القرن الماضي ، واستجاب لدعوته طائفة من الكتاب في مقدمتهم الأستاذ محمد قطب والدكتور نجيب الكيلاني ،وكانت الهوية الفكرية للمسلمين في مقدمة المسوغات التي دفعت قطب للتصدي لهذه الدعوة بالإضافة إلى محاولات إلغاء المرجعية الإسلامية للأدب التي انتظمت في كثير من دول العالم بما فيها بعض الدول الإسلامية.
وقد قوبلت هذه الدعوة بالرفض والاستهجان من قبل بعض النخب وأصحاب المذاهب المنحرفة، وبعض المسؤولين في الدول العربية والإسلامية واستخدم الرافضون وسائل متعددة لإيقاف حركة الأدب الإسلامي من التمدد والأدباء الإسلاميين من الانطلاق وأبرزهذه الوسائل : حجب المتميزين من الأدباء الإسلاميين عن الجماهير عن طريق الحصار الإعلامي ، والزج ببعضهم في السجون وإرغام الآخرين للهجرة إلى خارج مواطنهم ، وإغلاق مكاتب روابط الأدب الإسلامي التي يتجمعون فيها ، وطمس الآثار الأدبية والإسلامية وتجاهلها، وإبراز أدب الجنس والانحلال ،والتمرد ، والشذوذ ، في الصحف والمجلات والكتب والمناهج.
وقد واجه الأدب الإسلامي معوقات كثيرة أقعدته عن النهوض بعضها معوقات داخلية والبعض الآخر خارجي ، ولعل عزوف المختصين عن تناول الإبداع بالنقد يعتبر أول هذه المعوقات لأنهم انشغلوا بالأمور الإعلامية وتقديم النظريات والقوالب المتخيلة ، وانصرفوا عن تناول الإبداع الإسلامي القديم والحديث وإبراز سماته وملامحه وقواعده وتقييمه وتقويمه وإعادة صياغته ، ثم يليه الفهم القاصر للأدب الإسلامي لدى بعض الدارسين الذين اسقطوا المصطلح على أدب الجهاد والشهاده متناسين أن مجال الأدب الإسلامي يشمل الكون كله والحياة الدنيا والآخرة وأن كل موضوع سياسي أو اجتماعي … يصلح أن يكون مجالاً للأدب الإسلامي متى ما توافرت فيه صفات الأدب والمشاعر الإسلامية أو التصور الإسلامي. بالإضافة إلى النماذج الضعيفة التقريرية الجافة التي انتجها بعض الأدباء المسلمين والتي تعتبر معوقاً كبيراً للأدب الإسلامي وخصماً من شعبيته ورواده ، وكذلك تردد دعاة الأدب الإسلامي في الانفتاح على الآخرين والإفادة من انتاجهم الأدبي خوفاً من الزوبان والتلاشي ، أما المعوقات الخارجية فتتمثل في قلة الموارد المتاحة لروابط الأدب الإسلامي والتضييق على مناشطها والتشكيك في مقاصدها ،بالإضاف إلى قلة المنافذ الإعلامية التي تسهم في نشر الأدب الإسلامي وإبراز نصوصه وأعلامه.
بالرغم من هذه العوائق لا يزال الأمل معقوداً والتطور والإرتقاء بالأدب الإسلامي ممكناً متى ما توافرت بعض الوسائل والآليات والتي نرى في مقدمتها تجويد الإبداع ومواكبة حركات التجديد العالمي في فنونه ، وتقوية الصلات بين الأدباء الإسلاميين في جميع أنحاء العالم ، والعناية بترجمة الأعمال الأدبية الإسلامية إلى جميع لغات الشعوب ، وإنشاء مواقع خاصة بالأدب الإسلامي على الانترنت وإحياء مجلاته ، وتقوية الصلات بين المفكريين الإسلاميين والأدباء الإسلاميين عبر المؤتمرات التي تعقدها الهيئات والمنظمات الإسلامية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى