القوات النظامية التي انتشرت في الأسبوع الماضي في وسط دارفور واقتحمت بعض المناطق المدنية مدججة بكل أنواع الأسلحة لمحاربة الظواهر السالبة بدءاً بالسلاح والمواتر غير المقننة والكدمول ،مثيرة للرعب وسط المواطنين العزل يجب أن تنتبه أن الظواهر السالبة لا تحارب بظواهر سالبة مثلها .
لن يصدق أحد في ظل الازمة الاقتصادية الطاحنة ، وأزمة المواصلات التي تعاني منها منطقة (مالو) النائية ، أن تقتحم قوة عسكرية على حين غرة المواطنين العزل في يوم سوقهم ، وتجمع مواتر شباب أهل المنطقة ، وتحرقها أمام أهاليهم وأخواتهم وزوجاتهم في منظر مستفذ يثير الاحقاد ويستجيش روح الانتقام وأحاسيس الظلم في نفوس الشباب.
ولن يصدق أهل المنطقة الذين خرجوا من بيوتهم لانقاذ مواتر ذويهم من الحرق إن هذه القوة البربرية تنتمي لحكومة السودان ، فرشقوها بالحصى والعيدان وهم مواطنون عزل لا سلاح لهم إلا القرآن الذي يحفظه معظم أهالي المنطقة ، لكن في تصرف غريب ينم عن همجية مقيته ترشق القوة التي تدعي محاربة الظواهر السالبة النساء والأطفال بالرصاص الحي وكانت النتيجة سقوط ثمانية من الجرحى بينهم أطفال ونساء وحالات خطرة.
هؤلاء الأبرياء فقدوا مواترهم وأريقت دماؤهم في تصرف يخجل الإنسان الوطني أن ينسبه إلى أبناء الوطن ، هؤلاء الأبرياء لم يدافع عنهم أحد ، ولم نسمع لهم صوتا في وسائل الإعلام ، ولم يتبنى أحد شكواهم ، ولم يصدر أحد بياناً ليعرف المسؤولين ما حاق بهم من الظلم والظلمات، بل تكفلوا بعلاج جرحى ذويهم بأنفسهم أي ظلم أكثر من ذلك؟
يجب على الحكومة أن توقف تصدير المواتر إلى دارفور ، وأن تعوض كل أصحاب المواتر إذا قررت مصادرتها ، لاسيما أن معظم ملاكها قد حصلوا عليها قبل قرارت اللجنة الأمنية ، وهناك أساليب أخرى غير الحرق الذي لم نره في أي دولة من دول العالم بل حرام شرعاً في دين الاسلام حرق نعم الله تعالى ، كان من الممكن أن تصادر المواتر لتباع في الأقاليم التي يؤمن استخدام المواتر فيها ، ويمكن مصادرتها لصالح الدولة ، ويمكن سحنها في جياد ، ويمكن توزيعها لرجال الأمن لكن حرقها في هذا المشهد المحزن أمام الأطفال والنساء هبالة وجهل وتصرف لن يقبله إلا المقلوب على أمره.
نعم أن المواتر تستخدم لتهديد الأمن ، ولكن المنطقة المستهدفة منطقة آمنة مطمئة ، خالية من الظواهر السلبية لم تعرف النهب ولا السلب ولا الغارة، ، عدد الخلاوى فيها أكثر من المدارس لا يتعاطي أهلها الممنوعات ، بينما مناطق أخري أكثر خطراً لم تصلها الحملة ويتنعم أبناؤها بمواترهم في حركاتهم وسكناتهم فلماذا هذا التمييز في جمع المواتر ولماذا لا تكون الحملات في توقيت واحد حتى لا يشعر الأبرياء مثل هولاء بالظلم .
وفي نهاية المطاف نسأل الله أن يتقبل الشهداء ويشفي الجرحى الأبرياء ، ونطالب المسؤولين عن أمن البلاد والعباد في دارفور وعلى رأسهم حميدتي بتشكيل لجنة تقصى حقائق في حادثة مالو ومعاقبة المجرمين وانصاف المظلومين ، وتغيير النهج الاخرق في محاربة الظواهر السالبة وعدم توظيف حملات الظواهر السالبة لتصفية الحسابات والانتقام واجترار الماضي ..